Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 10-13)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } أي : مهّدها للخلق { فِيهَا فَاكِهَةٌ } أي : صنوف مما يتفكّه به { وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ } أي : أوعية الطلع ، وهو الذي يطلع فيه العنقود ، ثم ينشق عن العقود فيكون بُسراً ، ثم رطباً ، ثم ينضج ويتناهى نفعه واستواؤه ، وإنما أفردها بالذكر ، لما فيها من الفوائد العظيمة ، على ما عرف من اتخاذ الظروف منها ، والانتفاع بجمّارها وبالطلع والبسر والرطب وغير ذلك ؛ فثمرتها في أوقات مختلفة كأنها ثمرات مختلفة ، فهي أتم نعمة بالنسبة إلى غيرها من الأشجار ، فلذا ذكر النخل باسمه ، وذكر الفاكهة دون أشجارها ، فإن فوائد أشجارها في عين ثمارها . { وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ } أي : وفيها الحَبّ ، وهو حَبّ البُرّ والشعير ونحوهما { ذُو ٱلْعَصْفِ } أي : الورق اليابس كالتبن . { وَٱلرَّيْحَانُ } أي : الورق الأخضر ، تذكير بالنعمة به وبورقه في حالتيه . هذا على قراءة ( الريحانِ ) بالجرّ . وقرئ بالرفع ، وهو الزرع الأخضر مطلقاً ، سمي به تشبيهاً له بما فيه الروح ؛ لأن حياته النباتية في نضرة خضرته . قال ابن عباس : الريحان : خضر الزرع . وقال القرطبيّ : الريحان ، إما فيعلان ، من ( روح ) ، فقلبت الواو ياءً ، وأدغم ثم خفف ، أو فعلان ، قلبت واوه ياء للتخفيف ، أو للفرق بينه وبين الروحان ، وهو ما له روح . { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قال أبو السعود : الخطاب للثقلين المدلول عليهما بقوله تعالى : { لِلأَنَامِ } ، وسينطق به قوله تعالى : { أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } [ الرحمن : 31 ] . والفاء لترتيب الإنكار ، والتوبيخ على ما فصل من فنون النعماء ، وصنوف الآلاء الموجبة للإيمان والشكر حتماً . والتعرُّض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية الكلية والتربية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد النكير ، وتشديد التوبيخ . ومعنى فتكذيبهم بآلائه تعالى ، كفرهم بها ، إما بإنكار كونه نعمة في نفسه ، كتعليم القرآن ، وما يستند إليه من النعم الدينية ، وإما بإنكار كونه من الله تعالى ، مع الاعتراف بكونه نعمة في نفسه ، كالنعم الدنيوية الواصلة إليهم بإسناده إلى غيره تعالى استقلالاً ، أو اشتراكاً صريحاً ، أو دلالة ، فإن إشراكهم لآلهتهم به تعالى في العبادة من دواعي إشراكهم لها به تعالى فيما يوجبها . والتعبير عن كفرهم المذكور بالتكذيب ، لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الإيمان والشكر ، شهادة منها بذلك ، فكفرهم تكذيب بها لا محالة ، أي : فإذا كان الأمر كما فصل ، فبأي فرد من أفراد آلاء مالككما ومربيّكما بتلك الآلاء تكذبان ، مع أن كلاً منها ناطق بالحق ، شاهد بالصدق . انتهى .