Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 80-82)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي : الذي رباهم بالكمالات ، وهداهم إليها بتنزيلها منه . { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } يعني : القرآن الذي قص عليكم فخامة شأنه ، وعظمة مقداره . { أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } . قال ابن جرير : أي : تلينون القول للمكذبين ، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر . وأصل ( الإدهان ) - كما قال الشهاب - جعل الأديم ونحوه مدهوناً بشيء من الدهن . ولما كان ذلك ملينا له محسوساً ، أريد به اللين المعنويّ . على أنه تجوز به عن مطلق اللين ، أو استعير له . ولذا سميت المداراة والملاينة ، مداهنة . وهذا مجاز معروف ، ولشهرته صار حقيقة عرفيه ، فلذا تجوز به هنا عن التهاون أيضاً ؛ لأن المتهاون بالأمر ، لا يتصلب فيه . { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } أي : شكر رزقكم إياه تكذيبكم به ، كفراً لنعمته ، وجحداً لمنته . قال ابن جرير : أي : وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم ، التكذيب . وذلك كقول القائل للآخر : جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ ، بمعنى : جعلت شكر إحساني ، أو ثواب إحساني إليك ، إساءة منك إليّ . وقد ذكر عن الهيثم بن عديّ : أن من لغة أزد شنوءة ( ما رزق فلان ) بمعنى ما شكر . انتهى . وقد حمل بعضهم ( الرزق ) هنا على النعمة مطلقاً ، والأظهر أنه نعمة القرآن ، للسياق . وقال القاشانيّ : أي وتجعلون قُوتَكُمُ القلبيّ ورزقكم الحقيقيّ ، تكذيبه ، لاحتجابكم بعلومكم ، وإنكاركم ما ليس من جنسه ، كإنكار رجل جاهل ما يخالف اعتقاده ، كأن علمه نفس تكذيبه . أو رزقكم الصوريّ . أي لمداومتكم على التكذيب ، كأنكم تجعلون التكذيب غذاءكم . كما تقول للمواظب على الكذب : الكذب غذاؤه .