Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 13-13)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } أي : نُصِبْ منه . يقال : اقتبس ، أي : أخذ قبساً ، وهو الشعلة . و { ٱنظُرُونَا } بمعنى : انظروا إلينا ، على الحذف والإيصال ؛ لأن النظر بمعنى مجرد الرؤية ، يتعدى بـ ( إلى ) فإن أريد التأمل تعدى بـ ( في ) . وقولهم ذلك ، إما حينما يساق المؤمنون إلى الجنة زمراً ، والمنافقون في العرصات شاخصون إليهم ، أو حينما يشرفون من الغرف على المنافقين ، وهم في ضوضائهم وجلبتهم في جهنم ، كقوله تعالى : { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ … } [ الأعراف : 50 ] الآية . وقيل : { ٱنظُرُونَا } بمعنى : انتظرونا ، وهو الذي عول عليه ابن جرير . والمراد حينئذ من الانتظار للاقتباس ، هو رجاء شفاعتهم لهم ، أو دخولهم الجنة معهم طمعاً في غير مطمع ، يقولون لهم ذلك حينما يسرع بهم إلى الجنة . { قِيلَ } أي : قالت الملائكة أو المؤمنون ، { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً } قال الزمخشري : طردٌ لهم ، وتهكم بهم . أي : ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوه هناك ، فمن ثم يقتبس . أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نوراً بتحصيل سببه ، وهو الإيمان . أو ارجعوا خائبين ، وتنحوا عنا ، فالتمسوا نوراً آخر ، فلا سبيل لكم إلى هذا النور وقد علموا أن لا نور وراءهم ، وإنما هو تخييب وإقناط لهم . وكلامه يدل على حمل النور على حقيقته . ولا مانع من أنه كني به عن الإيمان والعمل الصالح . أي : ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا إيماناً وعملاً طيباً يهديكم إلى النجاة ، كما أن النور يهدي في الظلمات على طريق الاستعارة . والأمر للتخسير والتنديم . وهذا مع ما ذكره الزمخشريّ رحمه الله ، وجه رابع . ونقل الرازي : عن أبي مسلم ؛ أن المراد من قول المؤمنين { ٱرْجِعُواْ } منع المنافقين عن الاستضاءة كقول الرجل لمن يريد القرب منه : وراءك أوسع لك . قال الرازي : فعلى هذا القول ، المقصودُ من قوله : { ٱرْجِعُواْ } أن يقطعوا بأنه لا سبيل لهم إلى وجدان هذا المطلوب ؛ لأنه أمر لهم بالرجوع . انتهى . وهذا وجه خامس . ثم أشار إلى امتياز الفريقين في المنازل وتباينهما فيها ، بقوله سبحانه : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ } أي : بين المؤمنين والمنافقين بحائط متين ، يحجزهم عن أنوار المؤمنين ، لتتم ظلمتهم { لَّهُ } أي : لذلك السور { بَابٌ } أي : لأهل الجنة يدخلون منه ، ويرى به المنافقون المؤمنين ليكلموهم { بَاطِنُهُ } وهو الجانب الذي يلي المؤمنين { فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } يعني : الجنة وما فيها من رضوان الله والنعيم المقيم . { وَظَاهِرُهُ } وهو الذي يلي المنافقين ، { مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } أي : من عنده ، ومن جهته الظلمة والنار .