Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 19-19)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } قال ابن جرير : أي لا تكونوا كالذين تركوا أداء حق الله الذي أوجبه عليهم ، فأنساهم حظوظ أنفسهم من الخيرات . وقال القاشانيّ : { نَسُواْ ٱللَّهَ } أي : بالاحتجاب بالشهوات الجسمانية ، والاشتغال باللذات النفسانية { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } حتى حسبوها البدن وتركيبه ومزاجه ، فذهلوا عن الجوهرة القدسية ، والفطرية النورية . وقال ابن القيّم في ( دار السعادة ) : تأمل هذه الآية تجد تحتها معنى شريفاً عظيما . وهو أن من نسي ربه ، أنساه ذاته ونفسه ، فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه ، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه ، في معاشه ومعاده ، فصار معطلاً مهملاً ، بمنزلة الأنعام السائبة ، بل ربما كانت الأنعام أخبر بمصالحها منه ، لبقائها على هداها الذي أعطاها إياه خالقها . وأما هذا فخرج عن فطرته التي خلق عليها ، فنسي ربه ، فأنساه نفسه وصفاتها ، وما تكمل به ، وتزكو به ، وتسعد به في معاشها ومعادها . قال تعالى : { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [ الكهف : 28 ] فغفل عن ذكر ربه ، فانفرط عليه أمره وقلبه ، فلا التفات له إلى مصالحه وكماله ، وما تزكو به نفسه وقلبه ، بل هو مشتت القلب مضيعه ، مفرط الأمر حيران لا يهتدي سبيلا . فالعلم بالله أصل كل علم ، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ، ومصالح دنياه وآخرته . والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها ، وما تزكو به وتفلح به . فالعلم به سعادة العبد ، والجهل به أصل شقاوته . انتهى . { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } أي : الذين خرجوا عن الدين القيّم الذي هو فطرة الله التي فطر الناس عليها ، وخانوا وغدروا ، ونبذوا عهد الله وراء ظهورهم فخسروا .