Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 129-129)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ } أي : من الإنس { بَعْضاً } أي : نجعلهم بحيث يتولونهم بالإغواء ، والإضلال ، كما فعل الشياطين وغواة الإنس ، { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أي : بسبب ما كانوا مستمرين على كسبه من الكفر والمعاصي . قال الرازي : لأن الجنسية علة الضم . فالأرواح الخبيثة تنضم إلى ما يشاكلها في الخبث . وكذا القول في الأرواح الطاهرة ، فكل أحد يهتم بشأن من يشاكله في النصرة والمعونة والتقوية . تنبيه قال السيوطيّ في ( الإكليل ) : الآية معنى حديث " كما تكونون يولَّى عليكم " أخرجه ابن قانع في معجم الصحابة من حديث أبي بكرة . انتهى . وأسند في ( الجامع الصغير ) تخريجه إلى الديلميّ في ( الفردوس ) عن أبي بكرة ، وإلى البيهقي عن أبي إسحاق السبيعيّ مرسلا - ورمز له بالضعف - . وأسند في ( الدر المنثور ) عن منصور بن الأسود قال : سألت الأعمش عن قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ ٱلظَّٰلِمِينَ } ما سمعتهم يقولون فيه ؟ قال : سمعتهم يقولون : إذا فَسَدَ الناس أُمِّرَ عليهم شرارهم . وأخرج نحوه عن مالك بن دينار وكعب والحسن . قال أبو الليث السمرقندي في ( تفسيره ) : ويقال في معنى الآية : نسلط على بعض الظالمين بعضاً فيهلكه أو يذلّه . قال : وهذا كلام لتهديد الظالم ، لكي يمتنع عن ظلمه . ويدخل في الآية جميع من يَظْلِمُ : من راع في رعيته ، وتاجر في تجارته ، وسارق ، وغيرهم . قال الفضيل بن عياض : إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم ، فقف وانظر فيه متعجباً . انتهى . وقال ابن كثير : معنى الآية الكريمة : كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التي أغوتهم من الجن ، كذلك نفعل بالظالمين ، نسلط بعضهم على بعض ، ونهلك بعضهم ببعض ، وننتقم من بعضهم ببعض ، جزاء على ظلمهم وبغيهم . ثم بين تعالى ما سيكون من توبيخ الكفار من الفريقين يوم القيامة ، إثر بيان توبيخ الجن بإغواء الإنس وإضلالهم ، وأعْلَمَ أنه لا يكون لهم إلى الجحود سبيل ، فيشهدون على أنفسهم بالكفر ، وأنهم لم يعذبوا إلا بالحجة ، فقال تعالى : { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا … } .