Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 154-154)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ آتَيْنَا } أي : أعطينا { مُوسَى ٱلْكِتَابَ } يعني : التوراة { تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ } يقرأ بفتح النون على أنه فعل ماض وفاعله إما ضمير ( الذي ) أي : تماماً للكرامة والنعمة على الذي أحسن . أي : على من كان محسناً صالحاً . يريد جنس المحسنين . وتدل عليه قراءة عبد الله ( على الذين أحسنوا ) وإما ضمير موسى عليه السلام ومفعوله محذوف . أي : تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ وفي كل ما أمر به . أو تماماً على الذي أحسن موسى من العلم والشرائع . من ( أحسن الشيء ) إذا أجاد معرفته . أي زيادة على علمه على وجه التتميم وعلى الأول ، فـ ( تماماً ) في موقع المفعول له . وجاز حذف اللام لكونه في معنى ( إتماماً ) أو مصدر لقوله : { آتَيْنَا } من معناه . لأن إيتاء الكتاب إتمام للنعمة . كأنه قيل : أتممنا النعمة إتماماً . فـ ( تمام ) بمعنى ( إتمام ) كنبات في قوله تعالى : { وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } [ نوح : 17 ] أو ( أصله إيتاء تمام ) . وعلى الوجه الثاني هو حال من الكتاب . وقرأ يحيى بن يعمر ( على الذي أحسن ) بالرفع أي : على الذي هو أحسن ، أو على الوجه الذي هو أحسن ما يكون عليه الكتب . فـ ( تماماً ) حال من الكتاب بمعنى ( تاماً ) أي حال كون الكتاب تاماً كائناً على أحسن ما يكون . قال ابن جرير : هذه قراءة لا أستجيز القراءة بها . وان كان في العربية له وجه صحيح . { وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } أي : وبياناً مفصلاً لكل ما يحتاج إليه بنو إسرائيل في الدين { وَهُدًى } لهم إلى ربهم في سلوك سبيله { وَرَحْمَةً } عليهم بإفاضة الفوائد { لَّعَلَّهُمْ } أي : أهل الكتاب { بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ } يصدقون بلقائه للجزاء . لطيفة قال السيوطيّ في ( الإكليل ) : استدل بقوله تعالى : { ثُمَّ آتَيْنَا } مَن قال إن ( ثُمَّ ) لا تفيد الترتيب . انتهى . قال ابن كثير : و ( ثُمَّ ) ههنا لعطف الخبر بعد الخبر ، لا للترتيب كما قال الشاعر : @ قل لمن سَادَ ثُمَّ سَادَ أبُوهُ ثم سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّه @@ وقال ( أبو السعود ) : و ( ثُمَّ ) للتراخي في الأخبار كما في قولك : بلغني ما صنعت اليوم ، ثم ما صنعت أمس أعجبُ . أو للتفاوت في الرتبة كأنه قيل : ذلك وصاكم به قديماً وحديثاً . ثم أعظم من ذلك أنا آتينا موسى التوراة . فإن إيتاءها مشتملة على الوصية المذكورة وغيرها ، أعظم من التوصية بها فقط . انتهى . ثم أشار إلى أن التوراة ، وإن كانت تماماً على النهج الأحسن ، فالقرآن أتم منه وأزيد حسنا . فهو أولى بالمتابعة . فقال : { وَهَـٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ … } .