Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 34-34)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } افتنان في تسليته عليه الصلاة والسلام فإن عموم البلية ربما يهون أمرها بعض تهوين . وإرشاد له صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بمن قبله من الرسل الكرام ، في الصبر على ما أصابهم من أممهم ، من فنون الأذية . وعدة ضمنية له صلى الله عليه وسلم بمثل ما مُنِحُوه من النصر . وتصديرُ الكلام بالقسم ، لتأكيد التسلية . وتنوين { رُسُلٌ } للتفخيم والتكثير - أفاده أبو السعود - . قال الزمخشري : في قوله تعالى : { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ } دليل على أن قوله : { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } ليس بنفي لتكذيبه ، وإنما هو من قولك لغلامك : ما أهانوك ، ولكنهم أهانوني ! انتهى . وناقشه الناصر في ( الانتصاف ) : بأنه لا دلالة فيه ، لأنه مؤتلف مع نفي التكذيب أيضاً ، وموقعه حينئذ من الفضيلة أبين . أي : هؤلاء لم يكذبوك ، فحقك أن تصبر عليهم ، ولا يحزنك أمرهم . وإذا كان مَن قبلك من الأنبياء قد كذبهم قومهم ، فصبروا عليهم ، وأنت إذ لم يكذبوك أجدر بالصبر . فقد ائتلف ، كما ترى ، بالتفسيرين جميعاً . ولكنه من غير الوجه الذي استدل به ، فيه تقريب لما اختاره ، وذلك أن مثل هذه التسلية قد وردت مصرحاً بها في نحو قوله تعالى : { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ } [ فاطر : 4 ] فسلاه عن تكذيبهم له ، بتكذيب غيرهم من الأمم لأنبيائهم . وما هو إلا تفسير حسن مطابق للواقع ، مؤيد بالنظائر - والله أعلم - . { فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ } أي : على تكذيبهم وإيذائهم ، فتأسّ بهم { حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } أي : لمواعيده ، من قوله : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } [ الصافات : 171 - 172 ] ، وقوله : { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [ المجادلة : 21 ] . { وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } أي : من خبرهم في مصابرة الكافرين ، وما منحوه من النصر ، فلا بد أن نزيل حزنك بإهلاكهم ، وليس إمهالهم لإهمالهم ، بل لجريان سنته تعالى بتحقق صبر الرسل وشكرهم .