Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 35-35)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِن كَانَ كَبُرَ } أي : شق وثقل ، { عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ } أي : عن الإيمان بما جئت به من القرآن ، ونأيهم عنه ، ونهيهم الناس عنه ، { فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ } أي سرباًً ومنفذاً تنفذ فيه إلى ما تحت الأرض ، حتى تطلع لهم آية يؤمنون بها ، { أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ } أي : مصعداً تعرج به فيها { فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ } أي : مما اقترحوه ، فافعل . وحَسُنَ حذف الجواب لعلم السامع به . أي : لكن لم يجعل الله لك هذه الاستطاعة ، إذ يصير الإيمان ضروريّاً غير نافع . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } أي : ولكنه شاء بمقتضى جلاله وجماله ، إظهار غاية قهره ، وغاية لطفه ، { فَلاَ تَكُونَنَّ } أي : بالحرص على إيمانهم ، أو الميل إلى نزول مقترحهم { مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ } أي : بما تقتضيه شؤونه تعالى ، التي من جملتها ما ذكر من عدم تعلق مشيئته تعالى بإيمانهم . إما اختياراً ، فلعدم توجههم إليه . وإما اضطراراً ، فلخروجه عن الحكمة التشريعية المؤسسة على الاختبار . تنبيهات الأول : في هذه الآية ما لا يخفى من الدلالة على المبالغة في حرصه صلى الله عليه وسلم على إسلام قومه ، وتراميه عليه ، إلى حيث لو قَدَرَ أن يأتيهم بآية من تحت الأرض ، أو من فوق السماء ، لأتى بها . رجاء إيمانهم ، وشفقة عليهم . الثاني : قال الناصر في ( الانتصاف ) : هذه الآية كافلة بالرد على القدرية في زعمهم أن الله تعالى شاء جمع الناس كلهم على الهدى فلم يكن . ألا ترى أن الجملة مصدرة بـ ( لو ) ، ومقتضاها امتناع جوابها ، لامتناع الواقع بعدها . فامتناع اجتماعهم على الهدى ، إذاً إنما كان لامتناع المشيئة . فمن ثم ترى الزمخشري يحمل المشيئة على قهرهم على الهدى بآية ملجئة لا يكون الإيمان معها اختياراً حتى يتم له أن هذا الوجه من المشيئة لم يقع ، وأن مشيئته اجتماعهم على الهدى على اختيار منهم ، ثابتة غير ممتنعة ، ولكن لم يقع متعلقها . وهذه من خباياه ومكامنه فاحذرها - والله الموفق - . الثالث : لم يقل : ( لا تكن جاهلا ) بل من قوم ينسبون إلى الجهل ، تعظيماً لنبيه صلى الله عليه وسلم بأن لم يُسند الجهل إليه ، للمبالغة في نفيه عنه . وما فيه من شدة الخطاب . سرُّه تبعيد جنابه الكريم عن الحرص على ما لا يكون والجزعُ في مواطن الصبر ، مما لا يليق إلا بالجاهلين .