Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 3-3)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } أي : المعبود فيهما ، { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } أي : من الأقوال أو الدواعي والصوارف القلبية وأعمال الجوارح ، { وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } أي : ما تفعلونه من خير أو شر ، فيثيب عليه ويعاقب . وتخصيصه بالذكر ، مع اندراجه فيما سبق ، على التفسير الثاني للسر والجهر - لإظهار كمال الاعتناء به لأنه الذي يتعلق به الجزاء ، وهو السر في إعادة ( يعلم ) . قال الناصر في ( الانتصاف ) : وما هاتان الآيتان الكريمتان - يعني هذه الآية وآية الزخرف ، وهي قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } [ الزخرف : 84 ] - إلا توأمتان . فإن التمدح في آية الزخرف ، وقع بما وقع التمدح به ههنا من القدرة على الإعادة والاستئثار بعلم الساعة والتوحد في الألوهية ، وفي كونه تعالى المعبود في السماوات والأرض . وقال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى : للمفسرين في هذه الآية أقوال ، بعد اتفاقهم على إنكار قول الجهمية ، الأول : القائلين - تعالى عن قولهم علواً كبيراً - بأنه في كل مكان ، حيث حملوا الآية على ذلك . فلأصح من الأقوال أنه المدعوّ في السماوات وفي الأرض ، أي : يعبده ويوحده ويقرّ له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض ، ويسمونه الله ، ويدعونه رغباً ورهباً إلا من كفر من الجن والإنس . وهذه الآية - على هذا القول - كقوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } [ الزخرف : 84 ] أي : هو إله من في السماء وإله من في الأرض . وعلى هذا ، فيكون قوله : { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } خبراً أو حالاً . والقول الثاني : إن المراد أنه الله الذي يعلم ما في السماوات وما في الأرض من سر وجهر . فيكون قوله : ( يَعْلَمُ ) متعلقاً بقوله : { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } تقديره : وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات … إلخ . والقول الثالث : إن قوله : { وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وقف تام ، ثم استأنف الخبر فقال : { وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } وهذا اختيار ابن جرير . انتهى . ورجح ابن عطية في الآية : أنه الذي يقال له : ( الله ) فيهما . قال : وهذا عندي أفضل الأقوال ، وأكثرها إحرازاً لفصاحة اللفظ ، وجزالة المعنى . وإيضاحه : أنه أراد أن يدل على خلقه ، وآيات قدرته ، وإحاطته واستيلائه ، ونحو هذه الصفات . فجمع هذه كلها في قوله : { وَهُوَ ٱللَّهُ } الذي له هذه كلها { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ } كأنه قال : وهو الخالق والرازق والمحيي والمميت فيهما . تنبيه : قال الرازيّ : الآية تدل كون الإنسان مكتسباً للفعل ، والكسب هو الفعل المُفضي إلى اجتلاب نفع ، أو دفع ضرّ … ولهذا السبب لا يوصف فعل الله بأنه كسب ، لكونه تعالى منزّهاً عن جلب النفع ، ودفع الضرّ - والله أعلم - .