Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 73-73)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي : بالحكمة ، كقوله : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً } [ ص : 27 ] . وقوله تعالى : { وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } بيان لقدرته تعالى على حشرهم بكون مراده لا يتخلف عن أمره وأن قوله هو النافذ والواقع ، والمراد بـ ( القول ) كلمة ( كن ) تحقيقا أو تمثيلاً . فـ { قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ } مبتدأ وخبر . و { يَوْمَ } ظرف لمضمون هذه الجملة . كقوله تعالى : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] وكأن قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } إلخ عقب قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ الأنعام : 72 ] سيق للاحتجاج على قدرته تعالى على البعث ، رداً على منكري ذلك من المشركين ، الذين السياق فيهم . وما أشبه الآية بقوله تعالى : { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ * إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 81 - 82 ] . ولا يخفى أن باستحضار النظائر القرآنية ، تنجلي الحقائق . وقد توسع المفسرون هنا في إعراب هذه الجملة ، بسرد وجوهٍ ضاع الظاهر بينها - وقد علمته ، فاحرص عليه - . { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ } أي : فلا بد أن يفعل بالمطيع والعاصي فعل الملوك ، لمن يطيعهم أو يعصيهم . فـ ( يوم ) ظرف لقوله : { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } - قاله أبو السعود - وتقييد اختصاص الملك به تعالى ، بذلك اليوم ، مع عموم الاختصاص لجميع الأوقات ، لغاية ظهور ذلك ، بانقطاع العلائق المجازية الكائنة في الدنيا ، المصححة للمالكية المجازية في الجملة ، كقوله تعالى : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . وقوله : { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [ الفرقان : 26 ] . وقد زعم بعضهم أن المراد بـ ( الصور ) هنا جمع صورة ، أي : يوم ينفخ فيها ، فتحيي . قال ابن كثير : والصحيح أن المراد بـ ( الصور ) القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام ، وهكذا قال ابن جرير : الصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن إسرافيل قد التقم الصور ، وحتى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ " . وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : " إن أعرابياً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور ؟ فقال : " قرن ينفخ فيه " ورواه أبو داود والترمذيّ والحاكم ، عنه أيضاً . { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ } أي : هو عالمهما ، { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } ذو الحكمة في سائر أفعاله . والعلم بالأمور الجليّة والخفية . ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكر لمن اتخذ دينه هزواً ولعباً إنكار إبراهيم عليه الصلاة والسلام - الذي يزعمون أنهم على دينه ، ويفتخرون به - على أبيه في شركه بقوله سبحانه : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ … } .