Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 74-74)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً } أي : صوراً مصنوعة ، { آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي : باعتقاد إلهيتها ، أو اتصافها بصفاته ، أو استحقاقها للعبادة ؛ لأن الإلهية بوجوب الوجود بالذات . وهي ممكنة مصنوعة وأنى لها الاتصاف بصفاته ، وهي عاجزة عن النفع والضر ، خالية عن الحياة والسمع والبصر ، والعبادة غاية التذلل ، فلا يستحقها من لا يخلو عن هذه الوجوه من الذلة ، وإنما يستحقها من كان في غاية العلوّ - أفاده المهايميّ - . تنبيهات الأول : قرئ " آزَرَ " بالنصب ، عطف بيان ، لقوله : ( لأبيه ) وبالضم على النداء . الثاني : الآية حجة على الشيعة في زعمهم أنه لم يكن أحد من آباء الأنبياء كافرا ، وأن آزر عم إبراهيم ، لا أبوه على ما بسطه الرازيّ هنا ، وذلك لأن الأصل في الإطلاق الحقيقة ، ومثله لا يجزم به من غير نقل . الثالث : قال بعض مفسري الزيدية : في الآية دلالة على بطلان قول الإمامية : إن الإمام لا يجوز أن يكون أبوه كافراً . لأنه إذا جاز نبيّ ، أبوه وزوجته كافران ، فالإمام أولى . اشتمل كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام على ذكر الحجة العقلية إجمالاً على فساد قول عبدة الأصنام ، بإنكاره اتخاذها آلهة ، وهي ما هي في عجزها . وقد جاءت مفصلة في سورة مريم في قوله تعالى : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَٱتَّبِعْنِيۤ أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً * يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً … } [ مريم : 41 - 46 ] الآيات . قال ابن كثير : ثبت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة . فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني ؟ فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك ، فيقول إبراهيم : يا رب ، إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون ، فأي خزي أخزى من أبى الأبعد ؟ فيقول الله تعالى : إني حرمت الجنة على الكافرين . ثم يقال : يا إبراهيم ، انظر ما تحت رجليك ، فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار " . الرابع : قال بعض مفسري الزيدية : ثمرة الآية الدلالة على وجوب النصيحة في الدين ، لا سيما للأقارب ، فإن من كان أقرب ، فهو أهمّ . ولهذا قال تعالى : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] ، وقال تعالى : { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } [ التحريم : 6 ] . وقال صلى الله عليه وسلم : " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " ولهذا بدأ صلى الله عليه وسلم بعليّ وخديجة وزيد ، وكانوا معه في الدار ، فآمنوا وسبقوا ، ثم بسائر قريش ، ثم بالعرب ، ثم بالموالي . وبدأ إبراهيم بأبيه ، ثم بقومه . وتدل هذه الآية على أن النصيحة في الدين والذم والتوبيخ لأجله ، ليس من العقوق ، كالهجرة - هكذا في التهذيب . انتهى .