Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 80-80)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ } أي : جادلوه ، وأرادوا مغالبته بالحجة ، فيما ذهب إليه من توحيد الله ، ونفي الشركاء عنه ، تارة بأدلة فاسدة ، واقفة في حضيض التقليد ، وأخرى بالتخويف ، وقد أشير إلى جواب كل منهما . { قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ } أي : أتجادلونني في توحيده ، وقد هداني لإقامة الحجج ، ورفع الشبه على نفي إلهية ما سواه ، وقد ثبت أنها ناقصة في ذواتها ، فكمالاتها من غيرها ، ولا إلهية للناقص بالذات ؛ لأن كماله لا يكون مطلقاً . و ( تحاجوني ) بإدغام نون الجمع في نون الوقاية ، وقرئ بحذف الأولى . وقوله تعالى : { وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ } أي : لا أخاف معبوداتكم ، لأنها جمادات لا تضر بنفسها ولا تنفع ، وهو جواب عما خوفوه عليه الصلاة والسلام في أثناء المحاجة من إصابة مكروه من جهة أصنامهم ، كما قال لهود عليه السلام قومُه : { إِن نَّقُولُ إِلاَّ ٱعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوۤءٍ } [ هود : 54 ] ، وتخويفهم ، وإن لم يسبق له ذكر ، لكنه فهم من قوله : { وَلاَ أَخَافُ } . وقال ابن كثير : أي ومن الدليل على بطلان قولكم ؛ إن هذه المعبودات لا تؤثر شيئاً ، وأنا لا أخافها ولا أباليها ، فإن كان لها كيد فكيدوني بها ولا تُنظرون . انتهى . { إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً } أي : من إصابة مكروه بي من جهتها ، وذلك إنما هو من جهته تعالى ، من غير دخل لمعبوداتكم فيه أصلا . وفي ( الانتصاف ) : غاية خوف إبراهيم منها ، المعلق على مشيئة الله تعالى لذلك ، خوف الضرر عندها بقدرة الله تعالى ، لا بها ، وكأنه في الحقيقة لم يخف إلا من الله ، لأن الخوف الذي أثبته منها معلق بمشيئة الله وقدرته ، وهو كلا خوف منها - والله أعلم - . وقوله تعالى : { وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } ، كأنه علة الاستثناء ، أي : أحاط بكل شيء علماً . فلا يبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها ، أي : كرجمه بالنجوم . لأنه إذا أحيل شيء إلى علم الله ، أشعر بجواز وقوعه . وفي الإظهار في موضع الإضمار ، مع التعرض لعنوان الربوبية ، إظهار منه عليه الصلاة والسلام لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى ، واستسلام لأمره ، واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته . هذا ، وجعل المهايميّ ذلك علة لاستدراك محذوف ، لعلمه من المقام ، حيث قال في الآية : ولا أخاف الضرر على نفسي من تأثير ما تشركون به ، إلا أن يشاء ربي أن يجعل لهم شيئاً من التأثير . لكنه لا يشاء في شأني ، لأنه { وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } فعلم أنه لو أوجد التأثير فيهم بما يضرون به من بعثه لتوحيده ، صار محجوباً . انتهى والأول أقرب . { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } أي : تعتبرون بأن هذه المعبودات جمادات ، لا تضر ولا تنفع ، وأن النافع الضار هو الذي خلق السماوات والأرض .