Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 94-94)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا } أي : للحساب والجزاء { فُرَٰدَىٰ } أي : منفردين عن الأموال والأولاد ، وما أثرتموه من الدنيا . أو عن الأعوان والأوثان التي زعمتم أنها شفعاؤكم . و ( فرادى ) جمع فريد ، كأسير وأسارى . { كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي : مشبهين ابتداء خلقكم ، حفاة عراة غرلا ( يعني قلفاً ) . روى الشيخان عن ابن عباس قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : " أيها الناس ، إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا ، { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } [ الأنبياء : 104 ] " . ورويا أيضاً عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " تحشرون حفاة عراة غرلاً " قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ، الرجال والنساء جميعاً ينظر بعضهم إلى بعض ؟ ! قال : " الأمر أشد من أن يهمهم ذلك " " . وروى الطبري بسنده عن عائشة أنها قرأت قول الله عز وجل : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } فقالت : يا رسول الله ، واسوأتاه ! إن الرجال والنساء يحشرون جميعاً ينظر بعضهم إلى سوأة بعض ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه . لا ينظر الرجال إلى النساء ، ولا النساء إلى الرجال ، شُغِل بعضهم عن بعض " . { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ } ما تفضلنا به عليكم في الدنيا ، فشغلتم به عن الآخرة من الأموال والأولاد والخدم والخول { وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } يعني : في الدنيا ، ولم تحملوا منه نقيراً . كناية عن كونهم لم يصرفوه إلى ما يفيد في الآخرة . وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول ابن آدم : مالي ! مالي ! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " ؟ وزاد في رواية : " وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " . { وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ } أي : لله في الربوبية ، واستحقاق العبادة ، { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } قرئ بالرفع . أي : شملكم . فإن البين من الأضداد ، يستعمل للوصل والفصل . وبالنصب على إضمار الفاعل ، لدلالة ما قبله عليه . أي : تقطع الأمر ، أو الاشتراك ، أو وصلكم بينكم . أو على إقامته مقام موصوفه . والأصل : لقد تقطع ما بينكم ، وقد قرئ به . أي : تقطع ما بينكم من الأسباب والوصلات . { وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } أي : ذهب عنكم ما زعمتم من رجاء الأنداد والأصنام ، كقوله تعالى : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } [ البقرة : 166 - 167 ] ، وقال تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] ، { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] . والآيات في هذا كثيرة جداً .