Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 13-13)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي : مسخوطاً عليهم لمعاداتهم الحق ، ومحاربتهم الصلاح ، وعيثهم الفساد . وهو عام في كل محارب . ومنهم من خصه باليهود ، لأنه عبر عنهم في غير هذه الآية بالمغضوب عليهم ، واقتصر عليه الزمخشري . قال الناصر : قد كان الزمخشريّ ذكر في قوله : { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ } [ فاطر : 12 ] إلى قوله : { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } [ فاطر : 12 ] أن آخر الآية استطراد . وهو فن من فنون البيان ، مبوّب عليه عند أهله . وآية الممتحنة هذه ممكنة أن تكون من هذا الفن جداً ، فإنه ذم اليهود ، واستطرد ذمهم بذم المشركين على نوع حسن من النسبة . وهذا لا يمكن أن يوجد للفصحاء في الاستطراد أحسن ولا أمكن منه . ومما صدروا به هذا الفن قوله : @ إذا ما اتقى اللهَ الفتى وأطاعه فليس به بأس ، وإن كان من جُرْمِ @@ وقوله : @ إن كنتِ كاذَبة الذي حدثتني فنجوتِ منجى الحارثِ بن هشاَمِ @@ وقوله : @ ترك الأحبة أنْ يقاتِلَ دونهم ونَجَا برأسِ طِمِرَّةٍ وَلِجامِ @@ انتهى . وكان وجه إيثاره الفرار من التأكيد إلى التأسيس ، مع أن إرادة ما أريد بأول السورة منه ، فيه من المحسنات البديعية ردّ العجز على الصدر ، تذكيراً به وتفخيماً ؛ للعناية بشأنه . ولكل وجهة . { قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ } أي : من جزائها لجحدهم بها ، ولذلك طغوا وبغوا وعاثوا . والجملة صفة ثانية { كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } أي : كما يئس من سلفهم من إخوانهم الكفار المقبورين . أي : أنهم على شاكلة من قبلهم ، وكلٌّ مؤاخذَ بكفره . وقيل : المعنى : كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا . ففيه وضع الظاهر موضع المضمر ؛ تسجيلاً لكفرهم ، وبياناً لما اقتضى الغضب عليهم ولما آيسهم . والأول أظهر .