Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 3-4)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذَلِكَ } أي : ما نُعي عليهم من مساوئهم { بِأَنَّهُمْ آمَنُواْ } أي : ظاهراً { ثُمَّ كَفَرُوا } أي : سراً { فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي : ختم عليها بما مرنوا عليه من التلوّن والتذبذب ورسوخ الهيآت المنكرة ، فحجبوا عن الحق { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } أي : حقية الإيمان ، وحكمة الرسالة والدين { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } أي : لتناسب أشكالهم ، وحسن مناظرهم وروائهم { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } أي : للين كلامهم بما يدهنون فيه { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } أي : في الخلوّ عن الفائدة ؛ لأن الخشب إنما تكون مسندة إذا لم تكن في بناء ، أو دعامة لشيء آخر . قال القاشانيّ : روي عن بعض الحكماء أنه رأى غلاماً حسناً وجهه ، فاستنطقه لظنه ذكاءَه وفطنته ، فما وجد عنده معنى ، فقال : ما أحسن هذا البيت لو كان فيه ساكن ! وهذا معنى قوله : { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } أي : أجرام خالية عن الأرواح ، لا نفع فيه ولا ثمر ، كالأخشاب المسندة إلى الجدران عند الجفاف ، وزوال الروح النامية عنها ، فهم في زوال استعداد الحياة الحقيقية ، والروح الإنساني بمثابتها . { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } قال ابن جرير : أي : يحسب هؤلاء المنافقون ، من خبثهم ، وسوء ظنهم وقلة يقينهم ، كلَّ صيحة عليهم ؛ لأنهم على وجَلَ أن ينزل الله فيهم أمراً يهتك به أستارهم ويفضحهم ، ويبيح للمؤمنين قتلهم ، وسبي ذراريهم ، وأخذ أموالهم فهم من خوفهم من ذلك ، كلما نزل فيهم من الله وحي على رسوله ، ظنوا أنه نزل بهلاكهم وعَطَبِهم . وقال القاشانيّ : لأن الشجاعة إنما تكون من اليقين من نور الفطرة . وصفاء القلب ، وهم منغمسون في ظلمات صفات النفوس ، محتجبون باللذات والشهوات أهل الشك والارتياب ، فلذلك غلبهم الجبن والخور . { هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ } قال القاشانيّ : فقد بطل استعدادهم ، فلا يهتدون بنورك ولا تؤثر فيهم صحبتك { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } أي : كيف يصرفون عن الحق ، مع وضوح مناره . و ( قاتل ) بمعنى لعن وطرد ، وهو دعاء أو خبر .