Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 9-11)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } أي : لا يشغلكم الاغتباط بها عن ذكر أمره ونهيه ، ووعده ووعيده ، أو ذكر ما أنزله وأوحى به . ومنه أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين . فإن مقتضى الإيمان أن لا يبالي المؤمن بعزة المال والولد ، مع عزة الله { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } أي : المغبونون حظوظهم من كرامة الله ورحمته ، كما قال سبحانه : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ الحشر : 19 ] { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ } أي : أتصدق وأخرج حقوق مالي { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ * وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ } أي : لن يؤخر في أجل أحد إذا حضر ، ولكن يحترمه . قال القاشاني : معنى قوله : { لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } إن صدقتم في الإيمان ، فإن قضية الإيمان غلبة حب الله على محبة كل شيء ، فلا تكن محبتهم ومحبة الدنيا ، من شدة التعلق بهم وبالأموال ، غالبة في قلوبكم على محبة ، فتحتجبوا بهم عنه ، فتصيروا إلى النار ، فتخسروا نور الاستعداد الفطري بإضاعته فيما يفني سريعاً ، وتجردوا عن الأموال بإنفاقها وقت الصحة والاحتياج إليها ، ليكون فضيلة في أنفسكم ، وهيأة نورية لها ، فإن الإنفاق إنما ينفع إذا كان عن ملكة السخاء ، وهيأة التجرد في النفس . فأما عند حضور الموت ، فالمال للوارث لا له ، فلا ينفعه إنفاقه ، وليس إلا التحسر والتندم ، وتمني التأخير في الأجل بالجهل ، فإنه لو كان صادقاً في دعوى الإيمان ، وموقناً بالآخرة لتيقن أن الموت ضروري ، وأنه مقدر في وقت معين قدره الله فيه بحكمته ، فلا يمكن تأخره . { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي : بأعمالكم ونياتكم . فلا ينفع الإنفاق في ذلك الوقت ولا تمني التأخير في الأجل ، ووعد التصدق والصلاح ، لعلمه بأنه ليس عن ملكة السخاء ، ولا عن التجرد والزكاء ، بل من غاية البخل وحب المال ، كأنه يحسب أنه يذهب به معه ، وبأن ذلك التمني والوعد محض الكذب ، ومحبة العاجلة ، لوجود الهيأة المنافية للتصدق والصلاح في النفس ، والميل إلى الدنيا ، كما قال الله تعالى : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [ الأنعام : 28 ] - والله أعلم . تنبيه قال الإمام إلكيا الهراسي : يدل قوله تعالى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ … } الآية ، على وجوب إخراج الزكاة على الفور ، ومنع تأخيرها . وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال : من كان له مال يبلغه حج بيت ربه ، أو تجب عليه فيه زكاة ، فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت . فقيل له : إنما يسأل الرجعة الكفار ، فقال : سأتلوا عليكم بذلك قرآناً . ثم قرأ هذه الآية .