Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 6-11)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي : المرجع ذلك العذاب المحرق . قال الناصر : هذا من الاستطراد . لما ذكر وعيد الشياطين ، استطرد ذلك وعيد الكافرين عموماً . { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً } أي : لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها ، الأصوات المنكرة المنافية لأصوات الأناسي ، أو لأنفسهم ، فإنهم يصطرخون فيها بأصوات الحيوانات المنكرة الصوت ، كقوله : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] . أولها نفسها ، تشبيهاً لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق ، وهو الصوت الذي يخرج من الجوف بشدة ، كصوت الحمار . { وَهِيَ تَفُورُ } أي : تغلي بهم وتعلو . { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } أي : تتفرق أجزاؤها من الغيظ على الذين أغضبوا الله ورسوله . شبهت في شدة غليانها ، وقوة تأثيرها في أهلها ، بإنسان شديد الغيظ على غيره ، مبالغ في إيصال الضرر إليه ، فتوهم لها صورة كصورة الحالة المحققة الوجدانية ، وهي الغضب الباعث على ذلك . واستعير لتلك الحالة المتوهمة الغيظ - كما في شرح المفتاح الشريفي - وأما ثبوت الغيظ الحقيقي لها ، بخلق الله فيها إدراكا ، فبحث آخر . لكنه قد قيل هنا : إنه لا حاجة إلى ادعاء التجوز فيه ؛ لأن { تَكَادُ } تأباه ، كما في قوله : { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ } [ النور : 35 ] وقد صرح به علماء المعاني في بحث المبالغة والغلو . وجوز أن يراد غيظ الزبانية . فالإسناد مجازي ، أو على تقدير مضاف - كما في ( العناية ) . { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ } أي : جماعة من الكفرة { سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ؟ } أي : في الدنيا ينذركم هذا العذاب . قال في ( الإكليل ) : استدل به على أنه لا تكليف قبل البعثة . { قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } أي : فكذبنا الرسل ، وأفرطنا في التكذيب ، حتى نفينا الإنزال والإرسال رأساً ، وبالغنا في نسبتهم إلى الضلال . { وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ } أي : من النذر ما جاءت به ، سماع طالب الحق ، وعقل من نبذ الهوى { مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } أي : في عداد أهل النار . تنبيهان الأول : قال الناصر : لو تفطن نبيهٌ لهذه الآية لعدها دليلا على تفضيل السمع على البصر ، فإنه قد استدل على ذلك بأخفى منها . الثاني : قال ابن السمعاني في ( القواطع ) : استدل من قال بتحكيم العقل . وقال الزمخشري : قيل : إنما جمع بين السمع والعقل ؛ لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل . { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } أي : فأقروا بجحدهم الحق ، وتكذيبهم الرسل ، فبعداً لهم اعترفوا أو أنكروا ، فإن ذلك لا ينفعهم .