Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 8-16)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } أي : بآيات الله ، وما جاءهم من الحق . قال الزمخشري : تهييج وإلهاب على معاصاتهم . { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } أي : ودوا لو تركن إلى آلهتهم ، وتترك ما أنت عليه من الحق ، فيمالئونك - رواه ابن جرير عن مجاهد - ثم قال : أي : لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم ، فيلينون لك في عبادتك إلهك ، كما قال جل ثناؤه : { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ } [ الإسراء : 74 - 75 ] وإنما هو مأخوذ من الدهن ، شبه التليين في القول بتليين الدهن . { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ } أي : كثير الحلف . قال الزمخشري : وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ، ومثله قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ } [ البقرة : 224 ] . { مَّهِينٍ } أي : حقير الرأي والتمييز . { هَمَّازٍ } أي : عياب طعان ، قال ابن جرير : والهمز أصله : الغمز . فقيل للمغتاب : هماز ، لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون ، وذلك غمز عليهم . { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } أي : نقال لحديث الناس بعضهم في بعض ، للإفساد بينهم . { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } أي : بخيل بالمال ، ضنين به . والخير المال . أو صاد عن الإسلام . { مُعْتَدٍ } أي : على الناس ، متجاوز في ظلمهم . { أَثِيمٍ } كثير الآثام . { عُتُلٍّ } أي : جاف غليظ . دعي { بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } أي : دعيّ ملصق في النسب ، ليس منهم . أو مريب يعرف بالشر . قال ابن جرير : ومعنى { بَعْدَ } في هذا الموضع معنى ( مع ) . وقال الشهاب : الإشارة لجميع ما قبله من النقائص ، لا للأخير فقط . وهي للدلالة على أن ما بعده أعظم في القباحة . فـ { بَعْدَ } هنا كـ ( ثم ) الدالة على التفاوت الرتبي ، كما مر في قوله : { بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } [ التحريم : 4 ] . { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } قال الزمخشري : متعلق بقوله : { وَلاَ تُطِعْ } يعني : ولا تطعه مع هذه المثالب ؛ لأن كان ذا مال . أي : ليساره وحظه من الدنيا . ويجوز أن يتعلق بما بعده على معنى لكونه متمولا مستظهراً بالبنين ، كذب بآياتنا . { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا } أي : تقرأ عليه آيات كتابنا { قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي : هذا مما كتبه الأولون استهزاء به ، وإنكاراً منه أن يكون ذلك من عند الله . وقوله : { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } عدة منه تعالى بغاية إذلاله ، بعد تناهي كبره وعجبه وزهوه وعتوه . تقول العرب : وسمته بميسم السوء : يريدون أنه ألصق به من العار مالا يفارقه . قال جرير : @ لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث ، جَدَعْتُ أنفَ الأَخْطَلِ @@ قال الزمخشري : الوجه أكرم موضع في الجسد والأنف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ، ولذلك جعلوه مكان العز والحميّة ، واشتقوا منه ( الأنفة ) وقالوا : الأنف في الأنف ، وحمى أنفه ، وفلان شامخ العرنين . وقالوا في الذليل : جدع أنفه ، ورغم أنفه . فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة ؛ لأن السمة على الوجه شين وإذالة ، فكيف بها على أكرم موضع منه ؟ ولقد وسم العباس أباعره في وجوهها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكرموا الوجوه " ، فوسمها في جواعرها . وفي لفظ : { ٱلْخُرْطُومِ } استخفاف به واستهانة ؛ لأن أصل الخرطوم للخنزير والفيل . وقيل : سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يبين بها عن سائر الكفرة ، كما عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة بان بها عنهم . انتهى . تنبيه قيل : عنى بالآية : الأخنس بن شريق . قال ابن جرير : وأصله من ثقيف ، وعداده في بني زهرة . أي : لأنه التحق بهم حتى كان منهم في الجاهلية . ولذا سمي زنيما للصوقه بالقوم ، وليس منهم وقيل : هو الوليد بن المغيرة ، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده .