Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 69, Ayat: 44-47)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } أي : افترى علينا . وسمي الكذب تقولاً ؛ لأنه قول متكلف ، كما تشعر به صيغة التفعّل . و { ٱلأَقَاوِيلِ } إما جمع ( قول ) على غير القياس ، أو جمع الجمع كالأناعيم ، جمع أقوال وأنعام . قيل : تسمية الأقوال المفتراة ( أقاويل ) تحقيراً لها ؛ كأنها جمع أفعولة من القول ، كالأضاحيك . { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } قال ابن جرير : أي : لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة ، ثم لقطعنا منه نياط القلب . وإنما يعني بذلك : أنه كان يعاجله بالعقوبة ، ولا يؤخره بها . وقد قيل : إن معنى قوله : { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه . قال : وإنما ذلك كقول ذي السلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من بين يديه لبعض أعوانه : خذ بيده ، فأقمه ، وافعل به كذا وكذا : قالوا : وكذلك معنى قوله : { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } أي : لأهناه ، كالذي يفعل بالذي وصفنا حاله . انتهى . وقال الزمخشري : المعنى : لو ادعى علينا شيئاً لم نقله لقتلناه صبراً ، كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم ، معاجلة بالسخط والانتقام . فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول . وهو أن يؤخذ بيده ، وتضرب رقبته . وخص اليمين عن اليسار ؛ لأن القاتل إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده ، وأن يكفحه بالسيف ، وهو أشد على المبصور ؛ لنظره إلى السيف أخذ بيمينه . فمعنى : { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } : لأخذنا بيمينه . كما أن قوله : { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } لقطعنا وتينه ، وهذا بيّن . انتهى . وما قرره الزمخشري أبلغ في المراد ، وهو بيان المعاقبة بأشد العقوبة ، إذ على الأول يفوت التصوير والتفصيل والإجمال ؛ لأن قوله : { بِٱلْيَمِينِ } بعد { لأَخَذْنَا مِنْهُ } بيان بعد الإبهام ، ويصير قوله : { مِنْهُ } زائداً من غير فائدة ويركب المجاز من غير فائدة أيضاً - كما في ( العناية ) . { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } أي : ليس أحد منكم يحجزنا عنه ، ويحول بيننا وبين عقوبته ، لو تَقَوَّل علينا .