Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 156-156)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي : أثبت لنا فيها خصلة حسنة ، كالعافية والحياة الطيبة ، والتوفيق للطاعة { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي : حسنة أيضاً ، وهي المثوبة الحسنى والجنة . { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } أي : تبنا إليك . يقال : هاد إليه يهود ، إذا رجع وتاب ، فهو هائد . ولبعضهم : @ يا راكب الذنب هُدْ ، هُدْ واسجد كأنك هُدْهُدْ @@ وقال آخر : @ * إني أمرؤ مما جَنَيْتُ هَائِدُ * @@ قال أبو البقاء : المشهور ضم الهاء ، وهو من ( هاد يهود ) إذا تاب . وقرئ بكسرها ، من ( هاد يهيد ) إذا تحرك أو حرك ، أي : حركنا إليك نفوسنا ، وعلى القراءتين ، يحتمل الوجهين ، البناء للفاعل وللمفعول ، بمعنى ملنا أو أمالنا غيرنا ، أو حركنا أنفسنا ، أو حركنا غيرنا ، وذلك لاتحاد الصيغة وصحة المعنى ، وإن اختلف التقدير . { قَالَ } استئناف وقع جواباً ينساق إليه الكلام ، كأنه قيل : فماذا قال تعالى في جواب دعاء موسى ؟ فقيل : قال : { عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } أي : تعذيبه من العصاة { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } تطلق الرحمة على التعطف والمغفرة والإحسان والجنة ، كما قال تعالى : { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ } [ الإنسان : 31 ] ولعلها هي المراد هنا ، بدليل مقابلتها بـ ( العذاب ) قبل ، كما قابل الآية التي ذكرناها بقوله : { وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ الإنسان : 31 ] ، والله أعلم . { فَسَأَكْتُبُهَا } أي : هذه الرحمة { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } أي : الكفر والشرك والفواحش { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ } أي : يعطون زكاة أموالهم { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا } أي : بكتابنا ورسولنا { يُؤْمِنُونَ } أي : يصدقون . تنبيه قال الجشميّ : تدل الآية على حسن سؤال نعيم الدنيا ، كما يحسن سؤال نعيم الآخرة ، وتدل على أن الواجب على الداعي أن يقرن بدعائه التوبة والإخلاص ؛ لذلك قالوا : { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } . وتدل على أنه تعالى ينعم على البر والفاجر ، ويخص بالثواب المؤمن ، فلذلك فصل . ومن تأمل هذا السؤال والجواب ، عرف عظيم محل هذا البيان ؛ لأنه عليه السلام ، سأل نعيم الدنيا والدين عقيب الرجفة ، فكان من الجواب أن العذاب خاصة يصاب به من يستحقه ، فأما النعم فما كان من باب الدنيا يسع كل شيء يصح عليه التنعم ، وما كان من باب الآخرة يكتب لمن له صفات ذكرها . وتدل على أن الرحمة لا تنال بمجرد الإيمان الذي هو التصديق ، حتى ينضم إليه الطاعات ، فيبطل قوله المرجئة .