Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 21-25)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ نَظَرَ } أي : في ذلك المقدر . أي : تروي فيه . قال الرازي : وهذه المرتبة الثالثة من أحوال قلبه . فالنظر الأول للاستخراج ، واللاحق للتقدير ، وهذا هو الاحتياط . وقال غيره : { ثُمَّ نَظَرَ } أي : في وجوه القوم . { ثُمَّ عَبَسَ } أي : قطب وجهه كبراً وتهيؤاً لقذف تلك الكبيرة { وَبَسَرَ } أي : كلح وجهه . شأن اللئيم في مراوغته ومخاتلته ، والحسود في آثار حقده على صفحات وجهه . { ثُمَّ أَدْبَرَ } أي : عن الحق { وَٱسْتَكْبَرَ } أي : عن الإيمان به . { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } أي : ما هذا القرآن إلا سحر يروى ويتعلم . أي : يأثره عن غيره . { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } أي : ليس بكلام الله ، كما يقوله . تنبيه اتفق المفسرون أن هذه الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي ، أحد رؤساء قريش ، لعنه الله ، وكان من خبره ما رواه ابن إسحاق ؛ أن الوليد بن المغيرة ، اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم ، فقال لهم : يا معشر قريش ! إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا رأياً واحداً ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضاً ، ويرد قولكم بعضه بعضاً . قالوا : فأنت ، يا أبا عبد شمس ! فقل ، وأقم لنا رأياً نقل به . قال : بل أنتم فقولوا أسمع . قالوا : نقول كاهن . قال : لا ، والله ما هو بكاهن ! لقد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه . قالوا : فنقول : مجنون ! قال : ما هو بمجنون . لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قالوا : فنقول شاعر ! قال : ما هو بشاعر . لقد عرفنا الشعر كله ، رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر . قالوا : فنقول ساحر ! قال : ما هو بساحر لقد رأينا السُّحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم . قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟ قال : والله ! إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه ، لأن تقولوا : هو ساحر جاء بقول ، هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم . لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره . فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة ، وفي ذلك ، من قوله : { ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً … } [ المدثر : 11 ] الآيات . وعن قتادة : قال الوليد : لقد نظرت فيما قال هذا الرجل ، فإذا هو ليس بشعر ، وإن له لحلاوة . وإن عليه لطلاوة ، وإنه ليعلوا وما يعلى ، وما أشك أنه سحر . فأنزل الله الآيات - رواه ابن جرير . وثم روايات بنحو ما ذكر . وقد روي عن مجاهد أن الوليد كان بنوه عشرة . وحكى الثعلبي عن مقاتل أنه أسلم منهم ثلاثة : خالد وعمار وهشام . قال ابن حجر في ( الإصابة ) : والصواب خالد وهشام [ والوليد ] . فأما عمارة ، فإنه مات كافراً ، لأن قريشا بعثوه للنجاشي ، فجرت له معه قصة ، فأصيب بعقله . وقد ثبت أنه ممن دعا النبي صلى الله عليه وسلم عليهم من قريش ، لما وضع عقبة بن أبي معيط سلى الجزور على ظهره ، وهو يصلي .