Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 25-25)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } الفتنة : إما بمعنى الذنب ، كإقرار المنكر ، وافتراق الكلمة ، والتكاسل في الجهاد ، وإما بمعنى العذاب . فإن أريد الذنب ، فإصابته بإصابة أثره ، وإن أريد العذاب ، فإصابته بنفسه . و { لاَّ تُصِيبَنَّ } جواب للأمر ، أي : إن إصابتكم لا تختص إصابتها بمن يباشر الظلم منكم ، بل تشملهم وغيرهم بشؤم صحبتهم ، وتعدي رذيلتهم إلى من يخالطهم ، كقوله تعالى : { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } [ الروم : 41 ] . قاله القاشانيّ . وقد روى الإمام أحمد عن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من قوم يعلم فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعملون ، ثم لم يغيروه ، إلا عمهم الله بعقاب " . وروي نحوه عن عديّ بن عَميرة وحذيفة والنعمان وعائشة وأم سلمة . قال الكرخيّ : ولا يستشكل هذا بقوله تعالى : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [ الأنعام : 164 ] ، لأن الناس إذا تظاهروا بالمنكر ، فالواجب على كل من رآه أن يغيّره ، إذا كان قادراً على ذلك . فإذا سكت فكلهم عصاة . هذا بفعله ، وهذا برضاه . وقد جعل تعالى ، بحكمته ، الراضي بمنزلة العامل ، فانتظم في العقوبة . انتهى . وذكر القسطلانيّ أن علامة الرضا بالمنكر عدم التألم من الخلل الذي يقع في الدين بفعل المعاصي ، فلا يتحقق كون الإنسان كارهاً له ، إلا إذا تألم للخلل الذي يقع في الدين ، كما يتألم ويتوجع لفقد ماله ، أو ولده ، فكل من لم يكن بهذه الحالة ، فهو راضٍ بالمنكر ، فتعمه العقوبة والمصيبة بهذا الإعتبار . انتهى . وعن ابن عباس : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم ، فيعمهم الله بالعذاب { وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي : لمن يخالف أوامره . ثم نبه تعالى عباده المؤمنين السابقين الأولين على نعمه عليهم ، وإحسانه إليهم ، حيث كانوا قليلين فكثرهم ، مستضعفين خائفين فقوّاهم ونصرهم ، ورزقهم من الطيبات ، ليشكروه بدوام الطاعة ، فقال سبحانه : { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ … } .