Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 46-46)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : في كل ما يأمران به وينهيان ، وهذا عامّ ، والتخصيص بالذكر هنا فيه تأكيد { وَلاَ تَنَازَعُواْ } أي : باختلاف الآراء ، أو فيما أمرتم به { فَتَفْشَلُواْ } أي : تجبنوا ، إذ لا يتقوى بعضكم ببعض . { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } أي : قوتكم وغلبتكم ، ونصرتكم ودولتكم . شبه ما ذكر في نفوذ الأمر وتمشيته ، بالريح وهبوبها ، ويقال : هبت رياح فلان ، إذا دالت له الدولة ونفذ أمره ، قال : @ إذا هبّت رياحُكَ فاغتنمْهَا فإن لكلِّ خَافقةٍ سُكُونُ ولا تغفَلْ عن الإحسانِ فيها فما تَدْرِي السكونُ متَى يَكُونُ @@ { وَٱصْبِرُوۤاْ } أي : على شدائد الحرب ، وعلى مخالفة أهويتكم الداعية إلى التنازع ، فالصبر مستلزم للنصر { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } أي : بالنصر . قال ابن كثير رحمه الله : وقد كان للصحابة رضي الله عنهم ، وفي باب الشجاعة والإئتمار بما أمرهم الله ورسوله ، وامتثال ما أرشدهم إليه ، ما لم يكن لأحد من الأمم ، والقرون قبلهم ، ولا يكون لأحد من بعدهم ، فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمرهم ، فتحوا القلوب والأقاليم شرقاً وغرباً ، وفي المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم ، من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والجيوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بني آدم ، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان ، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، في أقل من ثلاثين سنة ، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين . تنبيه قال بعض المفسرين في قوله تعالى : { وَلاَ تَنَازَعُواْ } ، أي : لا تختلفوا فيما أمركم به من الجهاد ، بل ليتفق رأيكم . قال : ولقائلٍ أن يقول : استثمر من هذا وجوب نصب أمير على الجيش ليدبّر أمرهم ، ويقطع اختلافهم ، فإن بلزوم طاعته ، ينقطع الإختلاف ، وقد فعله صلى الله عليه وسلم في السرايا ، وقال : " اسمعوا وأطيعوا ، وإن أُمِّر عليكم عبد حبشيّ " انتهى . ولما أمر تعالى المؤمنين بالثبات والصبر عند اللقاء ، أمرهم بالإخلاص فيه ، بنهيهم عن التشبه بالمشركين ، في انبعاثهم للرياء ، بقوله سبحانه : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ … } .