Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 48-48)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } أي : في معاداة الرسول والمؤمنين ، بأن وسوس إليهم { وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ } أي : من النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه { وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ } أي : مجير ومعين لكم { فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ } أي : تلاقتا ، وتراءت كل واحدة صاحبتها ، فرأى الملائكة نازلة من السماء لإمداد المؤمنين { نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ } أي : ولّى هارباً على قفاه { وَقَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنْكُمْ } أي : من عهد جواركم { إِنَّيۤ أَرَىٰ } أي : من الملائكة النازلة لإمداد المؤمنين { مَا لاَ تَرَوْنَ إِنَّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ } أي : أن يعذبني قبل يوم القيامة { وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } أي : فلا يبعد مع إمهالي إلى القيامة ، أن يعذبني لشدة عقابه . تنبيه ذكروا في التزيين وجهين : أحدهما : أن الشيطان وسوس لهم من غير تمثيل ، في صورة إنسان ، وهو مرويّ عن الحسن والأصمّ . فالقول على هذا مجاز عن الوسوسة . والنكوص وهو الرجوع استعارة لبطلان كيده . وثانيهما : أنه ظهر في صورة إنسان ؛ لأنهم لما أرادوا المسير إلى بدر ، خافوا من بني كنانة ؛ لأنهم كانوا قتلوا رجلاً ، وهو يطلبون دمه ، فلم يأمنوا أن يأتوهم من ورائهم ، فتمثل إبليس اللعين في صورة سُرَاقَة الكِنَانِيّ ، وقال : أنا جاركم من بني كنانة ، فلا يصل إليكم مكروه منهم . فقوله : { وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ } على الحقيقة . وقال الإمام : معنى ( الجار ) هنا الدافع للضرر عن صاحبه ، كما يدفع الجار عن جاره . والعرب تقول : أنا جار لك من فلان ، أي : حافظ لك ، مانع منه . وهذا القول الثاني ذهب إلى جمهور المفسرين . روى مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز ، مرسلاً ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ ، منه في يوم عرفة . وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة ، وتجاوز الله عن الذنوب العظام . إلا ما رأى يوم بدر ، فإنه قد رأى جبريل يزع الملائكة " . قال الإمام : وكان في تغيير صورة ( إبليس ) إلى صورة ( سُرَاقَة ) معجزة عظيمة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن كفار قريش لما رجعوا إلى مكة قالوا : هزم الناس سُرَاقَة ، فبلغ ذلك سُرَاقَة فقال : والله ما شعرت بمسيركم ، حتى بلغتني هزيمتكم . فعند ذلك تبين للقوم أن ذلك الشخص ما كان سُرَاقَة ، بل كان شيطاناً .