Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 54-54)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } فكان مبدأ تغييرهم أنهم : { كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ } أي : الذي رباهم بالنعم ، فصرفوها إلى غير ما خلقت له بمقتضى تلك الآيات ، فكانت ذنوباً { فَأَهْلَكْنَاهُمْ } أي : زيادة على سلبه النعم { بِذُنُوبِهِمْ } أي : بما صرفوا بها النعم إلى غير ما خلقت له { وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ } لإغراقهم النعم في بحر الإنكار بنسبتها إلى فرعون حيث أقروا بآلهيته { وَكُلٌّ } أي : من الفرق المكذبة الكافرة ، أو من آل فرعون ، ومن قبلهم ، وكفار قريش { كَانُواْ ظَالِمِينَ } أي : بصرف النعم إلى غير ما خلقت له ، وهو نوع من الإغراق لها في بحر الإنكار لأنه مرجع التغيير لها . كذا أوّل المهايميّ . وفيه إشارة إلى دفع ما يتوهم من التكرار في الآيتين ، بتغير التشبيهين فيهما ، فلا يحتاج إلى دعوى التأكيد ، فمعنى الأول : حال هؤلاء كحال آل فرعون في الكفر ، فأخذهم وآتاهم العذاب . ومعنى الثاني : حال هؤلاء كحال آل فرعون في تغييرهم النعم ، وتغيير الله حالهم بسبب ذلك التغيير ، وهو أنه أغرقهم . وقيل : إن النظم يأباه ؛ لأن وجه التشبيه في الأول كفرهم المترتب عليه العقاب ، فينبغي أن يكون وجهه في الثاني قوله : { كَذَّبُواْ } لأنه مثله ، إذ كل منهما جملة مبتدأة بعد تشبيه ، صالحة لأن تكون وجه الشبه ، فتحمل عليه ، كقوله تعالى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] ، وأما قوله : { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً … } [ الأنفال : 53 ] إلخ ، فكالتعليل لحلول النكال ، معترض بين التشبيهين ، غير مختص بقوم ، فَجَعْلُهُ وجهاً للتشبيه بعيدٌ عن الفصاحة . كذا في ( العناية ) .