Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 68-68)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ } أي : لأصابكم { فِيمَآ أَخَذْتُمْ } أي : بسببه ، وهو الفداء { عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي : شديد ، بقدر إبطالكم الحكمة العظيمة ، وهي قتلهم ، الذي هو أعزّ للإسلام ، وأهيب لمن وراءهم ، وأفلّ لشوكتهم . والمراد بـ ( الكتاب ) الحكم ، وإنما أطلق عليه ؛ لأنه مكتوب في اللوح . ولأئمة التفسير أقوال في تفسيره : فقيل : هو أنه لا يعذب قوماً إلا بعد تقديم النهي ، ولم يتقدم نهي عن ذلك . وقيل : هو أنه لا يعذب المخطئ في اجتهاده . وقيل : هو كون أهل بدر مغفوراً لهم . وقيل : هو حلّ المغانم . وللرازيّ مناقشة في هذه الأقوال ، واختار أن ( الكتاب ) هو حكمه في الأزل بالعفو عن هذه الواقعة ، لأنه كتب على نفسه الرحمة ، وسبقت رحمتُهُ غضبَهُ . أقول : لعل الأمسّ في تهويل ما اكتسبوه ، تفسير ( الكتاب ) بما في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الأنفال : 33 ] . والله أعلم . تنبيهات الأول : قال الرازيّ : قال ابن عباس : هذا الحاكم إنما كان يوم بدر ؛ لأن المسلمين كانوا قليلين ، فلما كثروا وقوي سلطانهم ، أنزل الله بعد ذلك في الأسارى : { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } [ محمد : 4 ] . وأقول : هذا الكلام يوهم أن قوله : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } [ محمد : 4 ] يزيد على حكم الآية التي نحن في تفسيرها . وليس الأمر كذلك ؛ لأن الآيتين متوافقتان ، فإن كلتيهما تدلّ على أنه لا بد من تقديم الإثخان ، ثم بعده أخذ الفداء . انتهى . وقال بعضهم : لا تظهر دعوى النسخ من أصلها ، إذ النهي الضمنيّ ، كما هنا ، مقيد ، ومُغَيّاً بالإثخان ، أي كثرة القتال اللازمة لها قوة الإسلام وعزته . وما في سورة القتال من التخيير ، محله بعد ظهور شوكة الإسلام بكثرة القتال ، فلا تعارض بين الآيتين ، إذ ما هناك بيان للغاية التي هنا . نقله في ( الفتح ) . الثاني : قال القاضي : في الآية دليل على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجتهدون ، وأنه قد يكون خطأ ، ولكن لا يقرّون عليه . الثالث : قال ابن كثير : وقد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء ؛ أن الإمام مخيّر فيهم ، إن شاء قتل ، كما فعل ببني قريظة ، وإن شاء فادى بمال ، كما فعل بأسرى بدر ، وبمن أُسِر من المسلمين ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع ، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين . وإن شاء استرقّ من أسر ، هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة . وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة ، مقرر في موضعه . الرابع : قال بعض مفسري الزيدية : في هذه الآية سؤال وهو أن يقال : إن كان فعلهم اجتهاداً وخطأ ، فلِمَ عوتبوا ؟ ويلزم أن لا معصية . وإن تمكنوا من العلم وقصروا ، فكيف أقرّهم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وجواب ذلك من وجهين : الأول : عن أبي عليّ ؛ أن ذلك كان معصية صغيرة . قال الحاكم : وكانوا متمكنين من العلم ، إذا ما عاتبهم . وقيل : كان خطأ وقصروا فعوتبوا على التقصير . انتهى .