Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 67-67)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ } روى الإمام أحمد عن أنس قال : " استشار النبيّ صلى الله عليه وسلم في الأساري يوم بدر فقال : " إن الله قد أمكنكم منهم " ، فقام عُمَر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، اضرب أعناقهم ، فأعرض عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمقالته وقال : " إنما هم إخوانكم بالأمس " ، وعاد عمر لمقالته ، فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم ، فقام أبو بكر الصديق فقال : يا رسول الله ! نرى أن تعفوا عنهم ، وأن تقبل منهم الفداء . قال : فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغمّ ، فعفا عنهم ، وقبل منهم الفداء " . وأخرج مسلم في ( أفراده ) من حديث عُمَر بن الخطاب ، قال ابن عباس : " لما أسروا الأسارى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : " ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ " فقال أبو بكر : يا رسول الله ، هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار ، فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ترى يا ابن الخطاب ؟ " قال : قلت : لا والله ! يا رسول الله ، ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم ، فتمكِّن عليّاً من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكّن حمزة من العباس فيضرب عنقه ، وتمكنني من فلان - نسيب لعمر - فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديده . فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلتُ . فلما كان من الغد جئت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أبكي على أصحابك - من أخذهم الفداء ، لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة " ، لشجرة قريبة من نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ … } " الآية . ذكره الحميديّ في ( مسنده ) عن عُمَر بن الخطاب ، من أفراد مسلم بزيادة فيه . ومعنى : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ } ما صح له وما استقام وقرئ ( للنبيّ ) على العهد ، والمراد ، على كلٍّ ، نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ، وإنما نكِّر تلطفاً به ، حتى لا يواجه بالعتاب . وقرئ ( أُسَارَى ) . ومعنى : { يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ } يكثر القتل ويبالغ فيه ، حتى يذل الكفر ، ويقل حزبه ، ويعز الإسلام ، ويستولي أهله . يقال : أثخن في العدوّ ، بالغ في قلتهم . كما في ( الأساس ) ، وأثخن في الأرض قتلاً إذا بالغ . وقال ابن الأعرابيّ : أثخن إذا غلب وقهر . قال الرازيّ : وإنما حمله الأكثرون على القتل ؛ لأن الدولة إنما تقوى به . قال المتنبيّ : @ لا يسلم الشرفُ الرفيعُ من الأذى حتى يراقَ عَلَى جَوانِبِهِ الدمُ @@ ولأنه يوجب قوة الرعب ، وشدة المهابة ، فلذلك أمر تعالى به . وقوله تعالى : { تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا } أي : متاعها الزائل ، بفداء أسارى بدر . و ( العرض ) ما لا ثبات له ولو جسماً ، ومنه استعار المتكلمون ( العرض ) المقابل ( للجوهر ) ، قاله الشهاب . { وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } أي : يريد لكم ثوابها { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } أي : غالب على ما أراد . { حَكِيمٌ } أي : فيما يأمر به عباده .