Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 22-32)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } أي : بعثه بعد مماته وأحياه . وإنما قال : { إِذَا شَآءَ } لأن وقت البعث غير معلوم لأحد . فهو موكول إلى مشيئة الله تعالى . متى شاء أن يحيي الخلق أحياهم . قال الشهاب : وتخصيص النشور به دون الإماتة والإقبار ؛ لأن وقتهما معين إجمالاً ، على ما هو المعهود في الأعمار الطبيعية . { كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ } قال ابن جرير : أي : ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر ، من أنه قد أدى حق الله عليه ، في نفسه وماله ، فإنه لما يؤد ما فَرَضَ عليه من الفرائض ، ربُّهُ . وقال القاشاني : لما بين أن القرآن تذكرة للمتذكرين ، تعجب من كفران الإنسان واحتجابه حتى يحتاج إلى التذكير . وعدد النعم الظاهرة التي يمكن بها الاستدلال على المنعم بالحس ، من مبادئ خلقته ، وأحواله في نفسه ، وما هو خارج عنه مما لا يمكن حياته إلا به . وقرر أنه مع اجتماع الدليلين ، أي النظر في هذه الأحوال الموجب لمعرفة الموجد المنعم والقيام بشكره ، وسماع الوعظ والتذكير بنزول القرآن ، لما يقض في الزمان المتطاول ما أمره الله به من شكر نعمته ، باستعمالها في إخراج كماله إلى الفعل ، والتوصل بها إلى المنعم . بل احتجب بها وبنفسه عنه . انتهى . ولما فصل تعالى النعم المتعلقة بحدوثه ، تأثرها بتعداد النعم المتعلقة ببقائه . فقال سبحانه { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } أي : فإن لم يشهد خلق ذاته ، وعمي عن الآيات في نفسه ، وأصر على جحوده توحيد ربه ، فلينظر إلى طعامه ومأكله الذي هو أقرب الأشياء لديه . ماذا صنعنا في إحداثه وتهيئته لأن يكون غذاء صالحاً . وقوله تعالى : { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ } أي : من المزن { صَبّاً } أي : شديداً ظاهراً . وقد قرئ بكسر همزة " إنا " على الاستئناف المبين لكيفية حدوث الطعام ، وبالفتح على البدلية ، بدل اشتمال . بمعنى : سببية الأول للثاني . أو تقوم الثاني بالأول . فهو من اشتمال الثاني عليه أو بدل كل ، ادعاءً { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } أي : صدعناها بالنبات . أو شققنا أجزاءها بعد الريّ ليتخلل الهواء والضباء في جوفها { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } يعني : حب الزرع . وهو كل ما حصد من نحو الحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب { وَعِنَباً وَقَضْباً } وهو كل ما أكل من النبات رطباً ، كالقثاء والخيار ونحوهما . سمي قضباً لأنه يقضب ، أي يقطع مرة بعد أخرى { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَآئِقَ } جمع حديقة وهي البساتين ذوات الأشجار المثمرة ، عليها حوائط تحيط بها { غُلْباً } جمع غلباء أي ضخمة عظيمة . وعظمها إما لاتساعها البالغ حد البصر ، أو لغلظ أشجارها وتكاثفها والتفافها { وَفَاكِهَةً } أي : مما يؤكل من ثمار الأشجار { وَأَبّاً } وهو المرعى الذي تأكله البهائم من العشب والنبات { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } أي : تمتيعاً . مفعول له لـ { أَنبَتْنَا } أو مصدر حذف فعله وجُرّد من الزوائد . أي : متعكم بذلك متاعاً ، وجعلكم تنتفعون به أنتم وأنعامكم .