Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 18-21)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } شروع في بيان إفراطه في الكفر ، بتفصيل ما أفاض عليه من مبدأ فطرته إلى منتهى عمره ، من فنون النعم الموجبة لقضاء حقها بالشكر والطاعة ، مع إخلاله بذلك . وفي الاستفهام عن مبدأ خلقه ، ثم بيانه بقوله تعالى : { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ } تحقير له . أي : من أي شيء حقير مهين خلقه ؟ من نطفة مذرة خلقه { فَقَدَّرَهُ } أي : فهيأه لما يصلح له ويليق به من الأعضاء والأشكال . أو فقدره أطواراً إلى أن تم خلقه { ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ } أي : سهله . وهو مخرجه من رحم أمه بعد اجتنانه وتعاصيه . أو سبيل الإسلام . قال ابن زيد : هداه للإسلام الذي يسره له وأعلمه به . أي : بما غرز في فطرته من الخير ، وأودع في غريزته من وجدان معرفة الخالق . وقال مجاهد : يعني : سبيل الشقاء والسعادة وهو كقوله : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ } [ الإنسان : 3 ] واختاره أبو مسلم قال : المراد من هذه الآية هو المراد من قوله : { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ } [ البلد : 10 ] فهو يتناول التمييز بين كل خير وشر يتعلق بالدنيا ، وبين كل خير وشر يتعلق بالدين . أي : جعلناه متمكناً من سلوك السبيل الخير والشر . والتيسير يدخل فيه الإقدار والتعريف والعقل وبعثة الأنبياء وإنزال الكتب . نقله الرازي . { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } أي : جعله ذا قبر يوارَى فيه تكرمةً له ، ولم يجعله مطروحاً على وجه الأرض للطير والسباع ، كالحيوان . قال الفراء : ولم يقل ( فقبره ) لأن القابر هو الدافن بيده ، والمقبر هو الله تعالى . يقال ( قبر الميت ) إذا دفنه . و ( أقبر الميت ) إذا أمر غيره بأن يجعله في القبر . وقال ابن جرير : القابر هو الدافن الميت بيده كما قال الأعشى :