Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 89, Ayat: 17-20)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَلاَّ } ردع عن قوليه في حاليه . أعني : اعتقاد الإكرام في الإعطاء ، والإهانة في المنع ، بل لطلب الشكر . وهو صرف النعم إلى ما خلقت له ، وإعطاء المال لذويه ، وأحقهم الأيتام وهم لا يفعلونه ، كما قال : { بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ } وهو من فقد كافله ومربيه . فإن من آكد الواجبات القيام على تأديبه وكفالته ، صونا له إذا أهمل من فساد طبيعته وعيثه بالضرر في أهل جبلته . ومثله التحاض على مواساة البؤساء . وهؤلاء المنعي عليهم ضلالهم في غفلة عنه ، كما قال : { وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي : لا يحض بعضكم بعضاً عليه ولا يتواصى به . قال الإمام : وإنما ذكر التحاض على الطعام ، ولم يكتف بالإطعام فيقول : ( ولم تطعموا المسكين ) ليصرح لك بالبيان الجلي أن أفراد الأمة متكافلون . وإنه يجب أن يكون لبعضهم على بعض عطف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مع التزام كلٍ لما يأمر به ، وابتعاده عما ينهى عنه . لطيفة قال القاشاني : في دلالة قوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ … } [ الفجر : 15 ] إلخ ، أي : الإنسان يجب أن يكون في مقام الشكر أو الصبر بحكم الإيمان ، لحديث " الإيمان نصفان . نصف : صبر ، ونصف شكر " لأن الله تعالى إما أن يبتليه بالنعم والرخاء ، فعليه أن يشكره باستعمال نعمته فيما ينبغي من إكرام اليتيم وإطعام المسكين وسائر مراضيه . ولا يكفر نعمته بالبطر والافتخار فيقول : إن الله أكرمني لاستحقاقي وكرامتي عنده . ويترفه في الأكل ويتحجب بمحبة المال وبمنع المستحقين . أو بالفقر وضيق الرزق فيجب عليه أن يصبر ولا يجزع ولا يقول : إن الله أهانني . فربما كان ذلك إكراماً له . بأن لا يشغله بالنعمة عن المنعم ، ويجعل ذلك وسيلة له في التوجه إلى الحق والسلوك في طريقه لعدم التعلق ، كما أن الأول ربما كان استدراجاً منه . انتهى . { وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً } قال ابن جرير : أي : تأكلون الميراث أكلاً شديداً ، لا تتركون منه شيئاً . من قولهم : ( لممت ما على الخوان أجمع فأنا ألمه لمّا ) إذا أكلت ما عليه فأتيت على جميعه . قال ابن زيد : كانوا لا يورّثون النساء ولا يورثون الصغار ، وقرأ { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ } [ النساء : 127 ] أي : لا تورثونهن أيضاً . وقال بكر بن عبد الله : اللّمم : الاعتداء في الميراث . يأكل ميراثه وميراث غيره { وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } أي : جمعه وكنزه ، حبّاً كثيراً شديداً .