Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 9-14)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَثَمُودَ } وهم قوم صالح عليه السلام { ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } أي قطعوا صخر الجبال ، واتخذوا فيها بيوتاً . كما في قوله : { وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ } [ الحجر : 82 ] والباء ظرفية . والمجرور متعلق بـ { جَابُوا } أو هو حال من الفاعل أو المفعول . وقرئ بالياء وبإسقاطها . كما في { يَسْرِ } [ الفجر : 4 ] والوادي : هو وادي القرى . كانت منازلهم فيه . كما قاله ابن إسحاق { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ } أي : الجنود الذين يشدون له أمره . أو هي أوتاد يشد بها من يعذبه . أو القوى والعَدد والعُدد التي تم له بها ملكه ، ورسخ بطشه وسلطانه ، ومنه قولهم ، لمن تمكن في أرضٍ ما : ضرب بها أوتاداً { ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } صفة للمذكورين : عاد وثمود وفرعون . أي : تجاوزوا ما وجب عليهم إلى ما حظر من الكفر بالحق والعتو والتمرد والبغي في بلادهم ، اغتراراً بالقوة وعظم السلطان { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } أي : الضرر والإيذاء وهضم الحقوق { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } أي : أنزل بهم عذابه ، وأحل بهم نقمته بما طغوا في البلاد وأفسدوا فيها . وقد بين تعالى إهلاكهم مفصلاً في غير ما سورة وآية . و ( السوط ) إما مصدر ( ساطه ) أي خلطه كما في قول كعب : @ لكنها خُلَّةٌ قد سِيطَ من دَمِهَا فَجْعٌ وَوَلْعٌ وَإخْلاَفٌ وَتَبْدِيلُ @@ أريد به المفعول هنا . أي : أنزل عليهم ما خلط لهم من أنواع العذاب . قيل : وبما ذكر سميت الآلة المعروفة ، وهو الجلد المضفور الذي يضرب به ، لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض . وإما أن يكون السوط الآلة المعروفة . استعيرت لعذاب أدون من غيره . وهو ما اختاره الزمخشري حيث قال : وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم ، بالقياس إلى ما أعدّ لهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به . وقيل : هو من قبيل ( لجين الماء ) أي عذاباً كالسوط في شدته ، وهو ما يقتضيه كلام الطبري ، حيث زعم أن السوط مَثَل لشدة العذاب . قال الشهاب : وأما استعارة الصب للعذاب فشائعة ، كالإذاقة . يقال : صب عليه السوط ، وقنعه به وغشاه . وهو تمثيل وتصوير لحلوله أو تتابعه عليه وتكرره . { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } أي : لهؤلاء الذي قصّ نبأ هلاكهم . ولضربائهم من الكفرة بالحق والعاثين بالفساد . و ( المرصاد ) اسم مكان للذي يترقب فيه الرصد - جمع راصد - أو صيغة مبالغة . كمطعام ومطعان . فالياء تجريدية وفيه استعارة تمثيلية . شبه كونه تعالى حافظاً لأعمال العباد ، مترقباً لها ومجازياً على نقيرها وقطميرها . بحيث لا ينجو منه أحد - بحال من قعد على الطريق مترصدا لمن يسلكها ، ليأخذ فيوقع به ما يريد . ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر . ثم أشار إلى غفلة الإنسان في حالي غناه وفقره . ونعى عليه شأنه فيهما ، بما يقرر ما تقدم من استحقاقه صب العذاب ، بقوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ … }