Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 105-105)
Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقُلِ } أي : لأهل التوبة والتزكية والصلاة ، لا تكتفوا بها ، بل : { ٱعْمَلُواْ } جميع ما تؤمرون به { فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ } أي : فيزيدكم قرباً على قرب ، { وَرَسُولُهُ } فيزيدكم صلوات { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } فيتبعونكم ، فيحصل لكم أجرهم ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء - هكذا قاله المهايمي - وهو قوي في الإرتباط . وقال أبو مسلم : إن المؤمنين شهداء الله يوم القيامة ، كما قال : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً … } الآية [ البقرة : 143 ] ، والشهادة لا تصح إلا بعد الرؤية ، فذكر تعالى أن الرسول عليه السلام ، والمؤمنين يرون أعمالهم ، والمقصود التنبيه على أنهم يشهدون يوم القيامة ، عند حضور الأولين والآخرين ، بأنهم أهل الصدق والسداد والعفاف والرشاد . ونقل عن مجاهد أن الآية وعيد للمخالفين أوامره ، بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول والمؤمنين . قال ابن كثير : وهذا كائن لا محالة يوم القيامة ، كما قال تعالى : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } [ الحاقة : 18 ] ، وقال تعالى : { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [ الطارق : 9 ] ، وقال تعالى : { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } [ العاديات : 10 ] . وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس في الدنيا ، كما روى الإمام أحمد عن أبي سعيد مرفوعاً : " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ، ليس لها باب ولا كوّة ، لأخرج الله عمله للناس كائناً من كان " وروي أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ - كما في مسند أحمد والطيالسيّ . { وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أي : بالموت { فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : بالمجازاة عليه . قال أبو السعود : في وضع الظاهر موضع المضمر ( أي : حيث لم يقل : إليه ) من تهويل الأمر ، وتربية المهابة - ما لا يخفى . ووجه تقديم ( الغيب ) في الذكر لسعة عالمه ، وزيادة خطره على الشهادة ، غنيّ عن البيان . وعن ابن عباس : الغيب ما يسرونه من الأعمال ، والشهادة ما يظهرونه ، كقوله تعالى : { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [ البقرة : 77 ] ، فالتقدم حينئذ لتحقق أن نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة ، على أن أبلغ وجه وآكده ، أو للإيذان بأن رتبة السر متقدمة على رتبة العلن ، إذ ما من شيء يعلن إلا وهو ، أو مبادئه القريبة أو البعيدة ، مضمر قبل ذلك في القلب . فتعلقُ علمه تعالى به في حالته الأولى ، متقدم على تعلقه به في حالته الثانية .