Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 106-106)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَآخَرُونَ } يعني : من المتخلفين { مُرْجَوْنَ لأَمْرِ ٱللَّهِ } أي : مؤخرون أمرهم ، انتظاراً لحكمه تعالى فيهم ، لتردّد حالهم بين أمرين { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ } لتخلفهم عن غزوة تبوك { وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } يتجاوز عنهم { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } أي : بأحوالهم { حَكِيمٌ } أي : فيما يحكم عليهم . تنبيهات الأول : قرئ في السبعة " مُرْجَؤُونَ " بهمزة مضمومة ، بعدها واو ساكنة . وقرئ " مُرْجَوْنَ " بدون همزة . كما قرئ : " تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ " بهما ، وهما لغتان ، يقال : أرجأته وأرجيته ، كأعطيته . ويحتمل أن تكون الياء بدلاً من الهمزة ، كقولهم : قرأت وقريت ، وتوضأت وتوضيت ، وهو في كلامهم كثير . وعلى كونه لغة أصلية فهو يائي ، وقيل : إنه واويّ كذا في ( العناية ) . الثاني : روي عن الحسن أنه عني بهذه الآية قوم من المنافقين . وكذا قال الأصم : إنهم منافقون أرجأهم الله ، فلم يخبر عنهم ما علمه منهم ، وحذرهم بهذه الآية ، إن لم يتوبوا ، أن ينزِّل فيهم قرآناً ، فقال : { إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ } . وعن ابن عباس ومجاهد ، وعكرمة وغير واحد : إنهم الثلاثة الذي خلفوا ، أي : عن التوبة ، وهم مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك وهلال بن أمية ، قعدوا في غزوة تبوك في جملة من قعد ، كسلاً وميلاً إلى الدعة وطيب الثمار والظلال ، لا شكّاً ونفاقاً ، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري ، كما فعل أبو لبابة ، وأصحابه ، وطائفة لم يفعلوا ذلك ، وهم هؤلاء الثلاثة ، فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء ، وأرجئ هؤلاء عن التوبة ، حتى نزلت الآية الآتية وهي قوله تعالى : { لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ … } [ التوبة : 117 ] ، إلى قوله : { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ … } [ التوبة : 118 ] . قال في ( العناية ) : وإنما اشتد الغضب عليهم مع إخلاصهم ، والجهادُ فرض كفاية ، لما قيل إنه كان على الأنصار خاصة فرضَ عين ؛ لأنهم بايعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم عليه . ألا ترى قول راجزهم في الخندق : @ نَحْنُ الَّذيِنَ بايَعُوا مُحَمَّدَاً على الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا @@ وهؤلاء من أجلّهم ، فكان تخلفهم كبيرة . الثالث : { إِمَّا } في الآية ، إما للشك بالنسبة إلى المخاطب ، أو للإبهام بالنسبة إليه أيضاً ، بمعنى أنه تعالى أبهم على المخاطبين أمرهم . والمعنى : ليكن أمرهم عندكم بين الرجاء والخوف ، والمراد تفويض ذلك إلى إرادته تعالى ومشيئته ، أو للتنويع ، أي : أمرهم دائر بين هذين الأمرين .