Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 72-72)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : من تحت شجرها ومساكنها أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } أي : منازل حسنة تستطيبها النفوس أو يطيب فيها العيش { فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي : إقامة وثبات . ويقال : { عَدْنٍ } علم لموضع معين في الجنة ، لآثارٍ فيه ، ولما كان { وَمَسَاكِنَ } معطوفاً على { جَنَّاتِ } قيل : إن المتعاطفين إما أن يتغايرا بالذات ، فيكونوا وُعِدُوا بشيئين ، وهما الجنات بمعنى البساتين ، ومساكن في الجنة ، فلكل أحد جنة ومسكن ، أو الجنات المقصود بها غير عدن ، وهي لعامة المؤمنين ، و { عَدْنٍ } للنبيين عليهم الصلاة والسلام والشهداء والصديقين ، وإما أن يتحدا ذاتاً ، ويتغايرا صفة ، فينزل التغاير الثاني منزلة الأول ، ويعطف عليه ، فكل منهما عام ، ولكن الأول باعتبار اشتمالها على الأنهار والبساتين ، والثاني باعتبار الدور والمنازل . قال القاضي : فكأنه وصف الموعود أولاً بأنه من جنس ما هو أبهى الأماكن التي يعرفونها لتميل إليهم طباعهم ، أول ما يقرع أسماعهم ، ثم وصفه بأنه محفوف بطيب العيش ، معرى من شوائب الكدورات التي لا تخلو عن شيء منها أماكن الدنيا ، وفيها ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين . ثم وصفه بأنه دار إقامة وثبات في جوار العلّيين ، لا يعتريهم فيها فناء ولا تغيّر ، ثم وعدهم بما هو أكبر من ذلك فقال : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } إذ عليه يدور فوز كل خير وسعادة ، وبه يناط نيل كل شرف وسيادة ، ولعل عدم نظمه في سلك الوعد ، مع عزته في نفسه ، لأنه متحقق في ضمن كل موعود ، ولأنه مستمر في الدارين . أفاده أبو السعود . وإيثار رضوان الله على ما ذكر ، إشارة إلى إفادة أن قدراً يسيراً منه خير من ذلك . وقد روى الإمام مالك والشيخان عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عزَّ وجلَّ يقول لأهل الجنة : " يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ؟ فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبداً " " . وروى المحامليّ والبزار عن جابر ، رفعه : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال الله عزَّ وجلَّ : هل تشتهون شيئاً فأزيدكم ؟ قالوا : يا ربنا ما هو خير مما أعطيتنا ؟ قال : رضواني أكبر " { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } أي : لا ما يعدّه الناس فوزاً من حظوظ الدنيا .