Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 17-18)

Tafsir: Maḥāsin at-Taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي : بالحق الذي جاءهم . عطف على المنفيّ بـ ( لا ) وهو { ٱقتَحَمَ } أو على { فَكُّ } { وَتَوَاصَوْاْ } أي : أوصى بعضهم بعضاً { بِٱلصَّبْرِ } أي : على ما نابهم في سبيل الدعوة إلى الحق { وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } أي : بالرحمة على بعضهم . كقوله : { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] أو بموجبات رحمته تعالى من القيام بالحق والصدع به وعمل الصالحات { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } أي : اليمن ، أو جهة اليمين التي فيها السعداء . تنبيه قال القاشاني : يشير قوله تعالى : { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } [ البلد : 11 ] الآيات ، إلى قهر النفس بتكلف الفضائل والتزام سلوك طريقها واكتسابها ، حتى يصير التطبع طبعا . ثم قال : فإن الإطعام ، خصوصا وقت شدة الاحتياج للمستحق ، الذي هو وضع في موضعه ، من باب فضيلة العفة بل أفضل أنواعها - والإيمان من فضيلة الحكمة وأشرف أنواعها وأجلها ، وهو الإيمان العلمي اليقيني - والصبر على الشدائد من أعظم أنواع الشجاعة - وأخره عن الإيمان ، لامتناع حصول فضيلة الشجاعة بدون اليقين . و { ٱلْمَرْحَمَةِ } أي : التراحم والتعاطف من أفضل أنواع العدالة . فانظر كيف عدَّدَ أجناس الفضائل الأربع التي يحصل بها كمال النفس . بدأ بالعفة التي هي أولى الفضائل . وعبر عنها بمعظم أنواعها . وأخص خصالها الذي هو السخاء . ثم أورد الإيمان الذي هو الأصل والأساس . وجاء بلفظة { ثُمَّ } لبعد مرتبته عن الأولى في الارتفاع والعلوّ . وعبر عن الحكمة به لكونه أُمّ سائر مراتبها وأنوعها . ثم رتب عليه الصبر لامتناعه بدون اليقين . وأخر العدالة التي هي نهايتها ، واستغنى بذكر المرحمة ، التي هي صفة الرحمن عن سائر أنواعها ، كما استغنى بذكر الصبر عن سائر أنواع الشجاعة .