Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-43)
Tafsir: Tafsīr al-Manār
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لا يزال الكلام في الكتاب وكونه لا ريب فيه وبيان أحوال الناس وأصنافهم في أمره . وقد قلنا إنّ التفنّن في مسائل مختلفة منتظمة في سلك موضوع واحد هو من أنواع بلاغة القرآن وخصائصه المدهشة ، التي لم تسبق لبليغ ، ولن يبلغ شأوه فيها بليغ . ذكر الكتاب أنّه لا ريب فيه ، ثمّ ذكر اختلاف الناس فيه فابتدأ بالمستعدّين للإيمان به المنتظرين للهدي الذي يضيء نوره منه ، وثنّى بالمؤمنين ، وثلّث بالكافرين ، وقفّى عليهم بالمنافقين . ثمّ ضرب الأمثال لفرق الصنف الرابع ، ثم طالب الناس كلّهم بعبادته ، ثمّ أقام البرهان على كون الكتاب منزّلاً من الله على عبده محمّد صلى الله عليه وسلم ، وتحدَّى المرتابين بما أعجزهم ، ثمّ حذّر وأنذر ، وبشّر ووعد ، ثمّ ذكر المثل والقدوة وهو الرسول ، وذكر إختلاف الناس فيه كما ذكر إختلافهم ، في الكتاب . ثمّ حاجّ الكافرين ، وجاءهم بأنصع البراهين ، وهو إحياؤهم مرّتين وإماتتهم مرّتين ، وخلق السماوات والأرض لمنافعهم ، ثمّ ذكر خلق الإنسان وبيّن أطواره . ثمّ طفق يخاطب الأمم والشعوب الموجودة في البلاد التي ظهرت فيها النبوّة تفصيلا ، فبدأ في هذه الآيات بذكر اليهود للمعنى الذي نذكره . والكلام لم يخرج - بهذا التنويع - عن انتظامه في سلكه ، وحسن اتّساقه في سبكه ، فهو دائر على قطب واحد في فلكه ، وهو الكتاب ، والمرسل به ، وحاله مع المرسل إليهم . قال تعالى : { يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } . أقول : إسرائيل لقب نبيّ الله يعقوب ابن نبيّه إسحاق ابن نبيّه وخليله إبراهيم ( ع . م ) قيل معناه : الأمير المجاهد مع الله . والمراد ببنيه : ذريّته من أسباطه الإثني عشر ؛ وأطلق عليهم لقبه في كتبهم وتواريخهم ، كما تسمّي العرب القبيلة كلّها باسم جدّها الأعلى . ولما كانت سورة البقرة أوّل السور المدنيّة الطول ، وكان جلّ يهود بلاد العرب في جوارها ؛ دعاهم الله تعالى فيها إلى الإسلام ، وأقام عليهم الحجج والبراهين ، وبيّن لهم من حقيقة دينهم وتاريخ سلفهم ما لم يكن يعلمه أحد من قومه المجاورين لهم ، فضلا عن أهل وطنه بمكّة المكرّمة ، قال شيخنا في سياق درسه ما مثاله : اختصّ بني إسرائيل بالخطاب اهتماماً بهم ؛ لأنّهم أقدم الشعوب الحاملة للكتب السماويّة والمؤمنة بالأنبياء المعروفين ، ولأنّهم كانوا أشدّ الناس على المؤمنين ، ولأنّ في دخولهم في الإسلام من الحجّة على النصارى وغيرهم أقوى ممّا في دخول النصارى من الحجّة عليهم ، وهذه النعمة التي أطلقها في التذكير لعظم شأنها ، هي نعمة جعل النبوّة فيهم زمناً طويلا ( أو أعمّ ) ولذلك كانوا يسمّون شعب الله كما في كتبهم . وفي القرآن إن الله اصطفاهم وفضلهم ، ولا شكّ أنّ هذه المنقبة نعمة عظيمة من الله منحهم إيّاها بفضله ورحمته ، فكانوا بها مفضّلين على العالمين من الأمم والشعوب ، وكان الواجب عليهم أن يكونوا أكثر الناس لله شكراً ، وأشدّهم لنعمته ذكراً ، وذلك بأن يؤمنوا بكلّ نبيّ يرسله لهدايتهم ، ولكنّهم جعلوا النعمة حجّة الإعراض عن الإيمان وسبب إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنّهم زعموا أنّ فضل الله تعالى محصور فيهم ، وأنّه لا يبعث نبيّاً إلاّ منهم ؛ ولذلك بدأ الله تعالى خطابهم بالتذكير بنعمته ، وقفّى عليه بالأمر بالوفاء بعهده . فقال : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } عهد الله تعالى إليهم يعرف من الكتاب الذي نزّله إليهم ، فقد عهد إليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ؛ وأن يؤمنوا برسله متى قامت الأدلّة على صدقهم ، وأن يخضعوا لأحكامه وشرائعه . وعهد إليهم أن يرسل إليهم نبيّاً من بني إخوتهم أي بني إسماعيل يقيم شعباً جديداً . هذا هو العهد الخاصّ المنصوص ، ويدخل في عموم العهد عهد الله الأكبر الذي أخذه على جميع البشر بمقتضى الفطرة وهو التدبّر والتروّي ، ووزن كلّ شيء بميزان العقل والنظر الصحيح ، لا بميزان الهوى والغرور ، ولو التفت بنو إسرائيل إلى هذا العهد الإلهيّ العامّ ، أو إلى تلك العهود الخاصّة المنصوصة في كتابهم ، لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتّبعوا النور الذي أنزل معه وكانوا من المفلحين ، ولا حاجة إلى تخصيص العهد بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم كما فعل مفسّرنا ( الجلال ) فإنّ الإيمان داخل في العهد العامّ ، وهو من أفراد العهد الخاصّ ، فلا دليل على قصر عموم العهد المضاف عليه . هذا هو عهد الله ، وأمّا عهدهم فهو التمكين في الأرض المقدسة ، والنصر على الأمم الكافرة ، والرفعة في الدنيا وخفض العيش فيها . هذا هو الشائع في التوراة التي بين أيديهم ، ولا شكّ أنّ الله تعالى قد وعدهم أيضاً بسعادة الآخرة ، ولكن لا دليل على هذا في التوراة إلاّ الإشارات ، ولذلك ظنّ بعض الباحثين أنّ اليهود لا يؤمنون بالبعث ، ومع هذا يقول ( الجلال ) كغيره : إنّ هذا العهد هو دخول الجنّة ويقتصر عليه . ولمّا كان من موانع الوفاء بالعهد الذي فشا تركه في شعب إسرائيل ، خوف بعضهم من بعض لما بين الرؤساء والمرؤسين من المنافع المشتركة ؛ عقّب الأمر بالوفاء بقوله : { وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ } أي إن كنتم تخافون فوت بعض المنافع ، ونزول بعض المضارّ بكم إذا خالفتم الجماهير واتّبعتم الحقّ ، فالأولى أن لا تخافوا ولا ترهبوا إلاّ مَن بيده أزمّة المنافع كلّها ، وهو الله الذي أنعم عليكم بتلك النعمة الكبرى ، أو النعم كلّها ، وهو وحده القادر على سلبها ، وعلى العقوبة على ترك الشكر عليها ، فارهبوه وحده لا ترهبوا سواه . ثمّ انتقل من الأمر بالوفاء بعموم العهد إلى العهد الخاصّ المقصود من السياق فقال تعالى جلّ شأنه : { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } من تعليم التوراة وكتب الأنبياء ، كالتوحيد ، والنهي عن الفواحش والمنكرات ، والأمر بالمعروف ، وما يتّصل بهذا من الإرشاد الموصل إلى السعادة ، فإذا نظرتم في القرآن ووجدتموه مصدقاً لما معكم من مقاصد الدين الإلهي وأصوله ووعود الأنبياء وعهودهم ، تعلمون أنّ الروح الذي نزل به هو عين الروح الذي نزل بما سبقه ، وتعلمون أنّه لا غرض لهذا النّبيّ الذي يدعوكم إلى مثل ما دعاكم إليه موسى والأنبياء ، إلاّ تقرير الحقّ ، وهداية الخلق ، بعدما طرأ من ضلالة التأويل ، وجهالة التقليد ، فبادروا إلى الإيمان بهذا الكتاب الذي قامت به الحجّة عليكم من وجهين : أحدهما : إعجازه . وثانيهما : كونه مصدّقاً لما معكم { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي ولا تبادروا إلى الكفر به والجحود له مع جدارتكم بالسبق إليه ، وهذا الإستعمال معروف في الكلام البليغ لهذا المعنى لا يقصد بالأوّليّة فيه حقيقتها . والخطاب عامّ لليهود في كلّ عصر وزمان ، ثمّ قال : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً } الآيات هي الدلائل التي أيّد بها النّبي صلى الله عليه وسلم وأعظمها القرآن فهو كقوله تعالى : { ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } [ البقرة : 16 ] أي لا تعرضوا عن الإيمان بهذا النّبي وما جاء به ، وتستبدلوا بهدايته هذا الثمن القليل ، وهو ما يستفيده رؤساؤكم من المرؤسين من مال وجاه أوقعاهم في الكبر والغرور ، وما يتوقّعه المرؤسون من الزلفى والحظوة بتقليد الرؤساء واتّباعهم ، وما يخشونه إذا خالفوهم من المهانة والذلّة ، وإنّما سمّى هذا الجزاء قليلا ؛ لأنّ كلّ ما عدا الحقّ قليل وحقير بالنسبة إليه ، وكيف لا يكون قليلاً وصاحبه يخسر عقله وروحه قبل كلّ شيء ؛ لإعراضه عن الآيات البيّنات ، والبراهين الواضحات ، ثمّ إنّه يخسر عزّ الحقّ وما يكون له من الشأن العظيم وحسن العافية ، ثمّ إنّه يخسر مرضاة الله تعالى وتحلّ به نقمه في الدنيا وعقوبته في الآخرة . وختم هذه الآية بشبه ما ختم به ما قبلها وذلك قوله : { وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } وليس في هذه مع سابقتها تكرار ولا شبه تكرار كما يتوهّم ، فقد حلّ كلٌّ من القولين محلّه ، ولا مندوحة عن واحد منهما ؛ لأنّ استبدال الباطل بالحقّ إنّما كان منهم لإتّقاء الرئيس فوت المنفعة من المرءوس ، واتّقاء المرءوس غضب الرئيس ، فدحض هذه الشبهة بالأمر بتقوى الله وحده الذي بيده قلوب العباد وجوارحهم ، وهو المسخّر لهم في أعمالهم ، وبيده الخير كلّه ، وهو على كلّ شيء قدير . ثمّ قال : { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } بيّنت هذه الآية مسلكهم في الغواية والإغواء في سياق النهي عنه . فقد جاء في كتبهم التحذير من أنبياء كذبة يبعثون فيهم ويعملون العجائب ، وجاء فيها أيضاً أنّه تعالى يبعث فيهم نبيّاً من ولد إسماعيل يقيم به أمّة ، وأنّه يكون من ولد الجارية ( هاجر ) وبيّن علاماته بما لا لبس فيه ولا اشتباه ، ولكنّ الأحبار والرؤساء كانوا يلبسون على العامّة الحقّ بالباطل فيوهمونهم أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم من الأنبياء الذين نعتتهم الكتب بالكذبة ( حاشاه ) ويكتمون ما يعرفون من نعوته التي لا تنطبق على سواه ، وما يعلمون من صفات الأنبياء الصادقين وما يدعون إليه ، وكلّه ظاهر فيه عليه الصلاة والسلام بأكمل المظاهر . ومن اللبس أيضاً ما يفتريه الرؤساء والأحبار ، فيكون صادّاً لهم عن سبيل الله ، وعن الإيمان بنبيّه عن ضلال وجهل ، وهو لبس أصول الدين بالمحدّثات والتقاليد التي زادوها على الكتب المنزلة بضروب من التأويل والإستنباط من كلام بعض المتقدّمين وأفعالهم ، فكانوا يحكّمون هذه الزيادات في الدين حتّى في كتب الأنبياء ، ويعتذرون بأنّ الأقدمين أعلم بكلام الأنبياء وأشدّ اتّباعاً لهم ، فهم الواسطة بينهم وبين الأنبياء ، وعلى من بعدهم الأخذ بما يقولون دون ما يقول الأنبياء الذين يصعب عليهم فهم كلامهم بزعمهم ، ولكنّ الله لم يقبل هذا العذر منهم فأسند إليهم ذلك اللبس وكتمان الحقّ الموجود في التوراة إلى اليوم ، وكذلك لا يقبل الله ممّن بعدهم ترك كتابه لكلام الرؤساء بحجّة أنهم أكثر علماً وفهماً ، فكلّ ما يعلم من كتاب الله تعالى يجب العمل به ، وإنّما يسأل الإنسان أهل الفهم عمّا لا يعلم منه ليعلم فيعمل . ثمّ قال جلّ ثناؤه : { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ } فبعد الدعوة إلى الإيمان اليقينيّ ، دعاهم إلى العمل الصالح على الوجه النافع المرضيّ لله تعالى ، وكانوا ضلّوا عنه بالتمسّك بالظواهر ، والوقوف عند الرسوم ، فقد كانوا يصلّون ولكنّهم ما كانوا يقيمون الصلاة ، لأنّ الإقامة : هي الإتيان بالشيء مقوّماً كاملا ، وهي في الصلاة التوجّه إلى الله تعالى بالقلب ، والخشوع بين يديه والإخلاص له في الذكر والدعاء والثناء ، فهذا هو روح الصلاة الذي شرّعت لأجله ، ولم تشرّع لهذه الصورة ، فإنّ الصورة تتغيّر في حكم الله تعالى على ألسنة أنبيائه لأنّها رابطة مذكّرة ، فلم تكن للأنبياء صورة واحدة للصلاة ، ولكنّ هذا الروح لا يتغيّر فهو واحد لم يختلف فيه نبيّ ولم ينسخ في دين . ثمّ أمر بعد الصلاة التي تطهّر الروح وتقرّبها من الله تعالى بالزكاة التي هي عنوان الإيمان ، ومظهر شكر الله على نعمه والصلة العظيمة بين الناس . وقد عهد في القرآن قرن الأمر بإتيان الزكاة بالأمر بإقامة الصلاة ، ومن أقام الصلاة لا ينسى الله تعالى ولا يغفل عن فضله ، ومن كان كذلك فهو جدير ببذل المال في سبيله ، مواساة لعياله ومساعدة على مصالحهم التي هي ملاك مصلحته ، فإنّ الإنسان إنّما يكتسب المال من الناس بحذقه وعمله معهم فهو لم يكن غنياً إلاّ بهم ومنهم ، فإذا عجز بعضهم عن الكسب لآفة في فكره ونفسه أو علّة في بدنه ، فيجب على الآخرين الأخذ بيده ، وأن يكونوا عوناً له حفظاً للمجموع الذي ترتبط مصالح بعضه بمصالح البعض الآخر ، وشكراً لله على ما ميّزهم به من النعمة . وظاهر أنّ الغنيّ في حاجة دائمة إلى الفقير كما أنّ الفقير في حاجة إليه ، ولكنّ النفوس تمرض فتغفل عن المصلحة في بذل المال ومساعدة الفقير والضعيف ، مبالغة وغلوّاً في حبّ المال الذي هو شقيق الروح كما يقولون ، لهذا جعل الله بذل المال والإنفاق في سبل الخير علامةً من علامات الإيمان . وجعل البخل من آيات النفاق والكفر كما سيأتي في بعض الآيات . قال الأستاذ الإمام : إنّ البخل - ومنبعه القسوة على عباد الله تعالى والحرص على المال استرسالاً في الشهوات ، وميلاً مع الأهواء - لا يجتمع مع الإيمان الصحيح في قلب واحد قطّ . وليس لأحد أن يزعم أنّه يؤمن بالله وبما أنزل على رسله من الأوامر والنواهي حتّى يقوم بما أمر الله فيما طلب منه على ما يحبّ الله ويرضى . ثمّ أمر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بالركوع مع الراكعين ، والركوع صورة الصلاة أو جزء من أجزائها ، وقد أخّره ولم يصلْه بالصلاة لحكمة جليلة ، لا رعاية للفاصلة كما زعم بعض المفسّرين ، فليس من الجائز أن يكون في القرآن ما يعرض فيه إخلال بالمعنى لأجل رعاية الفاصلة ، بل هذا لا يرتضيه البلغاء من الناس ، فكيف يقع في كلام الله تعالى ؟ وإنّما وردت هذه الأوامر الثلاثة مرتّبة كما يحبّ الله تعالى ، فإقامة الصلاة في المرتبة الأولى من عبادة الله تعالى ؛ لأنّها روح العبادة والإخلاص له ، ويليها إيتاء الزكاة ؛ لأنّها تدلّ أيضاً على زكاة الروح وقوّة الإيمان ، وأمّا الركوع وهو صورة الصلاة البدنيّة أو بعض صورتها ، أشير به إليها فهو في المرتبة الثالثة فرض للتذكير بسابقيه وما هو بعباده لذاته ، وإنما كان عبادة ؛ لأنّه يؤدّى إمتثالا لأمر الله تعالى وإظهاراً لخشيته ، والخشوع لعظمته ، ولكنّه قد يصير عادة لا يلاحظ فيها إمتثال ولا إخلاص ، فلا يعدّ عند الله شيئاً ، وإن عدّه أهل الرسوم كلّ شيء ، بخلاف إقامة الصلاة بالمعنى الذي ذكرناه وإيتاء الزكاة ، ولا يخفى أنّ الفصل بين معنى الصلاة وصورتها بالزكاة ، فيه تعظيم لشأن الزكاة ، وسنتكلّم على الزكاة والإنفاق في سبيل الله بالتفصيل في تفسير آية أخرى إن شاء الله تعالى .