Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 64-68)
Tafsir: Tafsīr al-Manār
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لمّا بيّن جلّ شأنه القصص الحقّ في شأن عيسى والمختلفين فيه وأقام الحجّة العقلية على الغالبين فيه بجعله ربّاً وإلهاً ، ثمّ ألزمهم من طريق الوجدان أو الضمير - كما يقال - بما دعاهم إلى المباهلة لم يبق إلا أن يأمر نبيّه بأن يدعوهم إلى الحقّ الواجب اتّباعه في الإيمان وذلك قوله : { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } الآية . قال الأستاذ الإمام : الكلام من أوّل السورة في إثبات نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم والردّ على المنكرين . وقد ظهر بالدعوة إلى المباهلة إنقطاع حجاج المكابرين ، ودلّ نكولهم عنها على أنّهم ليسوا على يقين من اعتقادهم ألوهية المسيح ، وفاقد اليقين يتزلزل عندما يدّعى إلى شيء يخاف عاقبته . فلمّا نكلوا دعاهم إلى أمر آخر هو أصل الدين وروحه الذي اتّفقت عليه دعوة الأنبياء وهو سواء بين الفريقين أي عدل ووسط لا يرجّح فيه طرف على آخر . وقد فسّره بقوله : { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } أقول المراد بهذا تقرير وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية ، وكلاهما متّفق عليه بين الأنبياء ، فقد كان إبراهيم موحّداً صرفاً . وقد كان الأساس الأول لشريعة موسى قول الله له : " إنّ الربّ إلهك لا يكن لك آلهة أخرى ، أمامي لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً ولا صورة ما ممّا في السماء من فوق ، وممّا في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ " وعلى هذا درج جميع أنبياء بني إسرائيل حتّى المسيح عليه وعليهم الصلاة والسلام وهم لا يزالون ينقلون عنه في إنجيل يوحنا قوله : ( ير 17 : 3 ) وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته " وغير ذلك من عبارات التوحيد ، وكان يحتجّ على اليهود بعدم إقامتهم ناموس موسى ( شريعته ) وهو لم ينسخ من هذا الناموس إلاّ بعض الرسوم الظاهرة والتشديدات في المعاملة ، أمّا الوصايا العشر - ورأسها التوحيد والنهي عن الشرك - فلم ينسخ منها شيئاً . قال الأستاذ الإمام : المعنى أنّنا نحن وإيّاكم على اعتقاد أنّ العالم من صنع إله واحد ، والتصرّف فيه لإله واحد ، وهو خالقه ومدبّره وهو الذي يعرفنا على ألسنة أنبيائه ما يرضيه من العمل وما لا يرضيه فتعالوا بنا نتفق على إقامة هذه الأصول المتّفق عليها ورفض الشبهات التي تعرض لها ، حتّى إذا سلمنا أنّ فيما جاءكم من نبأ المسيح شيئاً فيه لفظ ابن الله خرّجناه جميعاً على وجه لا ينقض الأصل الثابت العام الذي اتّفق عليه الأنبياء . فإن سلّمنا أنّ المسيح قال إنّه ابن الله قلنا هل فسّر هذا القول بأنّه إله يعبد ؟ وهل دعا إلى عبادته وعبادة أمّه ، أم كان يدعو إلى عبادة الله وحده ؟ لا شكّ أنكم متّفقون معنا على أنّه كان يدعو إلى عبادة الله وحده والإخلاص له بالتصريح الذي لا يقبل التأويل . وأقول : إنّ كلامه عن نفسه كان أكثره من باب الكناية أو المجاز ، بل كان بعضه من قبيل المعميات والألغاز ، حتى إن تلاميذه لم يكونوا يفهموه إلاّ بعد تفسيره . ولقد كان هذا التفسير يتأخّر أحياناً إلى أمد بعيد ، ولفظ ابن الله أُطلق في كتب العهد العتيق على إسرائيل وغيره فهو مجاز قطعاً . أمّا هذه النزعات الوثنية التي دخلت على الدين فقد دخلت بعده وليس لواضعيها سند من كلامه ، وإنّما يروّجونها بأقيسة باطلة جرى عليها كثير من الوثنيين من قبل ومن بعد كقول مشركي العرب : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] وقولهم : { هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ } [ يونس : 18 ] . قلنا إنّ الآية قرّرت وحدانية الألوهية ووحدانية الربوبية ، فأمّا وحدانية الألوهية فهي قوله : { أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ } وأكّده بقوله : { وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } والإله هو المعبود الذي توله العقول في معرفته وتدعوه وتصمد إليه لاعتقادها أنّ السلطة الغيبية له وحده ، وأمّا وحدانية الربوبية فهي قوله : { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } فالربّ هو السيّد المربّي الذي يطاع فيما يأمر وينهى ، والمراد هنا من له حقّ التشريع والتحليل والتحريم كما ورد في حديث عدي بن حاتم قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [ التوبة : 31 ] فقلت له يا رسول الله لم يكونوا يعبدونهم ، فقال : أليس يحرّمون ما أحّل الله فيحرّمون ، ويحلّون ما حرّم الله فيستحلّون ؟ فقلت بلى " وسئل حذيفة رضي الله عنه عن الآية ؟ فأجاب بمثل ذلك . قال الأستاذ الإمام : كان اليهود موحّدين ولكن كان عندهم شيء هو منبع شقائهم في كلّ حين ، وهو اتّباع رؤساء الدين فيما يقرّرونه وجعله بمنزلة الأحكام المنزلة من الله تعالى ، وجرى النصارى على ذلك وزادوا مسألة غفران الخطايا وهي مسألة تفاقم أمرها في بعض الأزمان حتّى ابتلعت بها الكنائس أكثر أملاك الناس . ومن الغلو فيها ولدت مسألة البروتستانت إذ قاموا فقالوا هلم بنا نترك هؤلاء الأرباب من دون الله ونأخذ الدين من كتابه لا نشرك معه في ذلك قول أحد . قال تعالى : { فَإِن تَوَلَّوْاْ } وأعرضوا عن هذه الدعوة وأبوا إلاّ أن يعبدوا غير الله باتّخاذ الشركاء الذين يسمّونهم وسطاء وشفعاء واتّخاذ الأرباب الذين يحلّون لهم ويحرّمون { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } نعبد الله وحده مخلصين له الدين لا ندعو سواه ولا نتوجه إلى غيره في طلب نفع ولا دفع ضرّ ، ولا نحلّ إلاّ ما أحلّه ولا نحرّم إلاّ ما حرّمه . قال الأستاذ الإمام : الآية حجّة على أنّه لا يجوز لأحد أن يأخذ بقول أحد ما لم يسنده إلى المعصوم . أقول يعني في مسائل الدين البحتة العبادات والحلال والحرام . أمّا المسائل الدنيوية كالقضاء والسياسة فهي مفوّضة بأمر الله إلى أولي الأمر ؛ وهم رجال الشورى من أهل الحل والعقد ، فما يقرّرونه يجب على حكّام المسلمين أن ينفذوه وعلى الرعية أن يقبلوه . فما جرى عليه المقلّدون من المسلمين من الأخذ بآراء بعض الفقهاء في العبادات والحلال والحرام هو عين ما أنكره كتاب الله تعالى على أهل الكتاب ، وجعله منافياً للإسلام ، بل جعل مخالفتهم فيه هي عين الإسلام فليعتبر المعتبرون . فإنّ هذه الآية أساس الدين المتين وأصله الأصيل ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها أهل الكتاب إلى الإسلام كما ثبت في كتبه إلى هرقل والمقوقس . وغيرهما وهذا نصّ كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عاهل الروم كما في رواية البخاري : " بسم الله الرحمن الرحيم من محمّد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم . سلام على من اتّبع الهدى . أمّا بعد : فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن تولّيت فإنّ عليك إثم اليريسيين و { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } الآية إلى آخرها " . فلولا أنّ هذه الآية الكريمة أساس الدين وعموده لما جعلها آية الدعوة إلى الإسلام ، فهل يعذر من يؤمن بها إذا هو أدخل فيها باجتهاده ما ليس منها فاتّخذ له أنداداً يدعوهم لكشف الضرّ وجلب النفع زاعماً أنّهم وسائط يقرّبونه إلى الله زلفى ؛ ويشفعون له عنده في مصالح الدنيا ، وهذا عين الإشراك في الأُلوهية بالإجتهاد الباطل ، والقياس الفاسد ، الذي يشبه به الخبير العليم ، الرحمن الرحيم ، بالملوك الجاهلين والأمراء المستبدّين ، ولا إجتهاد في العقائد ، ولا قياس في أصل الإيمان ، أم هل يعذر من يؤمن بها إذا هو اتّخذ لنفسه أرباباً سمّاهم العلماء الراسخين ، أو الأئمّة المجتهدين ، فجعل كلامهم حجّة في الدين ، وشرعاً متّبعاً في التحليل والتحريم ، وذلك عين الإشراك في الربوبية ، والخروج عن هداية الآية القرآنية ، المؤيّدة بمثل قوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } [ الشورى : 21 ] وقوله : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ } [ النحل : 116 ] فالله تعالى قد حدّ الحدود وبيّن الحلال والحرام وسكت عن أشياء رحمة بنا غير نسيان منه عزّ وجلّ ، ونهانا نبيّه أن نبحث عمّا سكت عنه وأن نزيد في الدين برأينا وإجتهادنا ، وإنّما أباح لنا الإجتهاد لاستنباط ما تقوم به مصالحنا في الدنيا فهذا هو هدى الآية وما يعقلها إلا العالمون . روى ابن إسحاق بسنده المتكرّر إلى ابن عبّاس قال : " اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت الأحبار ما كان إبراهيم إلاّ يهودياً ، وقالت النصارى ما كان إبراهيم إلاّ نصرانياً ، فأنزل الله : { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } الآية . كذا في لباب النقول . وأقول : جاءت هذه الآية والآيتان بعدها في سياق دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام ، وبيان أنّه دين جميع أنبيائهم الذين يدينون بإجلالهم ، وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعلى آله موضع إجلال الفريقين منهم لما في كتبهم من الثناء عليه في العهد العتيق والعهد الجديد ، كما كانت قريش تجلّه وتدعي أنّها على دينه ، فأراد تعالى أن يبيّن لهم جميعاً أنّ هذا النبي الكريم الذي كانوا يجلّونه لم يكن على شيء من تقاليدهم ، وإنّما كان على الإسلام الذي يدعوهم هو إليه على لسان نبيّه محمّد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فبدأ بالإحتجاج على أهل الكتاب بقوله : { وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ } أي فإذا كان الدين الحقّ لا يعدو التوراة كما تقولون أيّها اليهود ، أو لا يتجاوز الإنجيل كما تقولون أيّها النصارى ، فكيف كان إبراهيم على الحقّ واستوجب ثناءكم وثناء من قبلكم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أنّ المتقدّم على الشيء لا يمكن أن يكون تابعاً له . فإن خطر في بالك أيّها القارئ أنّ هذا يرد على القرآن فاصبر نفسك معي إلى تفسير الآية الثالثة . { هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ } ما . وهو خبر عيسى فقامت عليكم الحجّة بأنّ منكم من غلا في الإفراط إذ قال إنّه إله ومنكم من غلا في التفريط إذ قال إنّه دعي كذّاب ، ولم يكن علمكم القليل به عاصماً لكم من الخطأ في الحكم عليه { فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } وهو كون إبراهيم يهودياً أو نصرانياً ! أليس الواجب عليكم أن تتبعوا فيه ما يوحيه الله إلى عبده محمّد صلى الله عليه وسلم { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ثمّ بيّن تعالى ما يعلم من أمره فقال : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً } أي مائلاً عن كلّ ما كان عليه أهل عصره من الشرك والضلال { مُّسْلِماً } وجهه إلى الله تعالى وحده مخلصاً له الدين والطاعة { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الذين يسمّون أنفسهم الحنفاء ويدّعون أنّهم على ملّة إبراهيم ، وهم قريش ومن وافقهم من العرب . وهذا من الإحتراس فقد كان أهل الكتاب يدعون العرب بالحنفاء حتّى صار الحنيف عندهم بمعنى الوثني المشرك . فلمّا وافقهم القرآن على إطلاق لفظ الحنيف على إبراهيم مستعملاً له بالمعنى اللغوي إحترس عمّا يوهمه الإطلاق من إرادة المعنى الإصطلاحي عندهم فصار معنى الآية أنّ إبراهيم المتّفق على إجلاله وادّعاء دينه عند أهل الملل الثلاث لم يكن على ملّة أحد منهم بل كان مائلاً عن مثل ما هم عليه من الوثنية والتقاليد ، مسلماً خالصاً لله تعالى وليس المراد بكونه مسلماً أنّه كان على مثل ما جاء به محمّد صلّى الله عليهما وعلى آلهما وسلّم من الشريعة بالتفصيل ، فإنّه يرد على هذا أنّ هذه الشريعة جاءت من بعده كما كانت التوراة والإنجيل من بعده ، وإنّما المراد أنّه كان متحقّقاً بمعنى الإسلام الذي يدلّ عليه لفظه وهو التوحيد والإخلاص لله في عمل الخير كما بيّنا ذلك بالتفصيل في تفسير { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } [ آل عمران : 19 ] وهذا المعنى لا يستطيع أهل الكتاب إنكاره . فإنّ ما في كتبهم عن إبراهيم لا يعدوه وما كان النبي يدعوهم إلاّ إليه ، وقد نسي أكثر المسلمين اليوم معنى الإسلام الذي يقرّره القرآن وجمدوا على المعنى الإصطلاحي له فجعلوه جنسية غافلين عن كونه هداية روحية . وما كان سلفهم الصالح كذلك . { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ } أي أجدرهم بولايته وأحراهم بموافقته { لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ } في عصره وأجابوا دعوته فاهتدوا بهديه { وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } معه فإنّهم أهل التوحيد المحض الذي لا يشوبه اتّخاذ الأولياء ولا التوسّل بالوسطاء والشفعاء ، وأهل الإخلاص في الأعمال الذي لا يبطله شرك ولا رياء ، وهذا هو روح الإسلام والمقصود من الإيمان . فمن فاته فقد فاته الدين كلّه لا تغني عنه التقاليد والرسوم ولا تنفعه الوسطاء والأولياء { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الشعراء : 88 - 89 ] بأخذه بحقيقة الإسلام الذي شرع لتنقية القلوب وتزكية النفوس وإعداد الأرواح في الدنيا إلى الدرجات العلا في الأخرى { وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } الذين لا يتوجّهون إلى غيره في كشف ضرّ ولا طلب نفع فهو يتولّى أمورهم ويصلح شؤونهم ويتولّى إثابتهم على حسب تأثير الإسلام في قلوبهم ويزيدهم من فضله . فنسأله تعالى أن يجعلنا معهم في الدنيا والآخرة ، ولا يجعلنا من أهل الجمود على التقاليد الظاهرة الغافلين عن روح الإسلام المفتونين باتّخاذ الأولياء والأمراء ، هذا وليس عندنا في هذه الآيات شيء عن الأستاذ الإمام وما قلناه موافق لطريقته .