Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 101-105)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني محمدا { نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } أي لا يعملون به { كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي كأنهم ليس عندهم من الله فيه عهدا . قوله تعالى : { وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ } يقول نبذوا كتاب الله واتبعوا ما تتلوا الشياطين { عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ } قال محمد { تَتْلُواْ } أي تروي التلاوة والرواية شيء واحد . قوله { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ } قال الكلبي لما ابتلى الله عز وجل سليمان عليه السلام بما كان من أمر الشياطين كتبت الشياطين سحرا كثيرا ودفنوه تحت كرسيه ثم لما قبض الله سليمان أتت الشياطين إلى أوليائهم من الإنس فقالوا ألا ندلكم على ما كان سليمان يملك به الإنس وتدين له به الجن وتسخر له به الرياح قالوا بلى قالوا احفروا تحت كرسيه ففعلوا واستخرجوا كتبا كثيرة فلما قرءوها فإذا هي الشرك بالله فقال صلحاء بني إسرائيل معاذ الله من هذا أن نتعلمه وتعلمه سفلة بني إسرائيل وفشت الكلمة لسليمان في بني إسرائيل حتى عذره الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فقال { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ } يقول اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان واتبعوا ما أنزل على الملكين { بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ } . قال قتادة السحر سحران سحر تعلمه الشياطين وسحر يعلمه هاروت وماروت وقال الحسن إن الملكين ببابل إلى يوم القيامة وإن من عزم على تعلم السحر ثم أتاهما سمع كلامهما من غير أن يراهما . وقال مجاهد عجبت الملائكة من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل فقال لهم ربهم اختاروا منكم اثنين أنزلهما يحكمان في الأرض فكانا هاروت وماروت فحكما فعدلا حتى نزلت عليهما الزهرة في صورة أحسن امرأة تخاصم زوجها فافتتنا بها وأراداها على نفسها فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت ورجعا إلى السماء فزجرا فاستشفعا برجل من بني آدم فقالا سمعنا ربك يذكرك بخير فاشفع لنا فقال لهما كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ثم واعدهما يوما يدعو لهما فيه فدعا لهما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فنظر أحدهما إلى الآخر فقال ألم تعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا وفي الخلد أيضا فاختارا عذاب الدنيا فهما يعذبان ببابل . قال محمد وقد ذكر يحيى عن غير مجاهد أن المرأة التي افتتنا بها كانت من نساء أهل الدنيا والله أعلم { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ } أي بلاء { فَلاَ تَكْفُرْ } قال محمد قوله { فِتْنَةٌ } معناه ابتلاء واختبار وهو الذي أراد يحيى . قال قتادة أخذ عليهما ألا يعلما أحدا حتى يقولا له { إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ } { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } وهو أن يبغض كل واحد منهما إلى صاحبه { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } قال الحسن من شاء الله سلطهم عليه ومن شاء منعهم منه { وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ } يعني لمن اختاره { مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ } يعني نصيبا في الجنة قال قتادة قد علم أهل الكتاب في عهد الله إليهم أن الساحر لا خلاق له عند الله يوم القيامة { وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ } أي ما باعوها به { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } قال الحسن لو كانوا علماء أتقياء ما اختاروا السحر . قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ وٱتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني الثواب يوم القيامة { خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي لو كانوا علماء لآمنوا بعلمهم ذلك واتقوا ولا يوصف الكفار بأنهم علماء . قوله تعالى { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا } قال الكلبي { رَاعِنَا } كلمة كانت العرب تكنى بها يقول الرجل لصاحبه راعني سمعك فلما سمعتهم اليهود يقولون هذا للنبي ل عليه السلام أعجبهم ذلك و راعني في كلام اليهود كلمة يسب بها بعضهم بعضا فقالوا قوموا بنا نسب محمدا فأعلنوا له السب فكانوا يأتونه فيقولون يا محمد راعنا ويضحكون فعرفها رجل من الأنصار كان يعرف لغتهم فقال يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفسي بيده لئن سمعت رجلا منكم بعد مجلسي هذا يعيدها لأضربن عنقه فقالوا أولستم تقولونها للنبي فقال الله للذين آمنوا { لاَ تَقُولُواْ } لمحمد { رَاعِنَا } ولكن قولوا { ٱنْظُرْنَا } أي انتظرنا نتفهم فقال المؤمنون الآن لئن سمعتم بالرجل من اليهود يقول لنبيكم راعنا فأوجعوه ضربا فانتهت عنها اليهود بعد ذلك . قال محمد وذكر غير يحيى أن المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم راعنا وأرعنا سمعك وأصل الكلمة من راعيت الرجل إذا تأملته وتعرفت أحواله ومنه يقال أرعني سمعك وكانت اليهود يقولونها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بلغتهم سب ويحرفونها إلى ما في قلوبهم من السب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن عليه . قوله تعالى { وَٱسْمَعُواْ } يعني واستمعوا ما يأمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكونوا كالكافرين الذين لا يقولون انظرنا ولا يسمعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي موجع . قوله تعالى { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي ولا من المشركين { أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } يعني الوحي الذي يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرهم ذلك حسدا لرسول الله وللمؤمنين قال محمد قوله { مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ } دخلت { مِّن } ها هنا على جهة التوكيد والزيادة كما تقول ما جاءني من أحد وما جاءني أحد { وَٱللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } قال الحسن يعني النبوة .