Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 104-107)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال عز وجل { قُلْ يٰ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يعني : يا أهل مكة وذلك حين دعوه إلى دين ( آبائهم ) فقال { إِن كُنتُمْ فِى شَكّ مّن دِينِى } ( الإسلام ) ، وترجون أن أرجع إلى دينكم وأترك هذا الدين فلا أفعل ذلك وهو قوله { فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآلهة . ويقال معناه إن كنتم في شك من ديني فأنا مستيقن في دينكم ومعبودكم أنهما باطلان { فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } { وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ } يعني أوحده وأطيعه { ٱلَّذِى يَتَوَفَّـٰكُم } يعني : يميتكم عند انقضاء آجالكم { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعني من ( الموقنين ) على دينهم ولا أرجع عن ذلك . قوله تعالى : { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ } يعني إنَّ الله تعالى قال لي في القرآن أن أخلص عملك ودينك { لِلدّينِ حَنِيفاً } يعني استقم على التوحيد مخلصاً { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } أو يقال " وأمرت أن أكون من المسلمين " إلى ها هنا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ذلك للكفار وقد تم الكلام إلى هذا الموضع ثم قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا أمرتك { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينِ حَنِيفًا } يعني وأمرتك أن تخلص عملك ودينك للدين حنيفاً . يعني استقم على ذلك . والحنف في اللغة هو الميل والإقبال إلى شيء لا يرجع عنه أبداً . لهذا سمي الرجل أحنف إذا كان أصابع رجليه مائلاً بعضها إلى بعض . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني : لا تعبد غير الله { مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ } يعني ما لا ينفعك إن عبدته ولا يضرك إن عصيته وتركت عبادته { فَإِن فَعَلْتَ } ذلك يعني فإن عبدت غير الله { فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني من الضارين بنفسك . قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ } يعني : إن يصيبك الله بشدة أو بلاء { فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ } يعني لا دافع لذلك الضر إلا هو يعني لا تقدر الأصنام على دفع الضر عنك { وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } يعني وإن يصيبك بسعة في الرزق وصحة في الجسم { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } يعني : لا مانع لعطائه { يُصِيبُ بِهِ } يعني : بالفضل { مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } من كان أهلاً لذلك { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ } لذنوب المؤمنين { ٱلرَّحِيمُ } بهم . فأعلم الله تعالى أنه كاشف الضر ومعطي الفضل في الدنيا وهو الغفور للمؤمنين الرحيم بقبول حسناتهم . [ ( قال الفقيه أبو الليث ) ] حدثنا محمد بن الفضل قال : حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا شيخ بصري عن الحسن أنه قال : قال عامر بن عبد قيس ما أبالي ما أصابني من الدنيا وما فاتني منها بعد ثلاث آيات ذكرهن الله تعالى في كتابه . قوله { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } وقوله { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } [ فاطر : 2 ] وقوله { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] .