Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 44-49)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } يقول : لا ينقص من ( أجور ) الناس شيئاً ولا يحمل عليهم من أوزار غيرهم { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } يعني يضرون أنفسهم بتركهم الحق . قرأ حمزة والكسائي وَلَكِنِ النَّاسُ بكسر النون مع التخفيف وضم السين . وقرأ الباقون ولكنَّ النَّاسَ بالنصب والتشديد ونصب السين قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } يقول : يجمعهم في الآخرة { كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مّنَ ٱلنَّهَارِ } قال الكلبي : كأن لم يلبثوا في قبورهم إلاّ ساعة من النهار ، وقال الضحاك كأن لم يلبثوا في القبور إلا ما بين العصر إلى غروب الشمس أو ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس . ويقال يعني بين النفختين ، لأنه يرفع عنهم العذاب فيما بين ذلك . وقال مقاتل : كأن لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من النهار { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } قال الكلبي يعني : يتعارفون بينهم حين خرجوا من قبورهم ثم تنقطع عنهم المعرفة فلا يعرف أحد أحداً . وقال الضحاك : يتعارفون بينهم حين خرجوا . وذلك أن أهل الإيمان يبعثون يوم القيامة على ما كانوا عليه في [ دار ] الدنيا من التواصل والتراحم ، يعرف بعضهم بعضاً محسنهم لمسيئهم . وأما أهل الشرك فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون . قال الله تعالى { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاءِ ٱللَّهِ } يعني بالبعث بعد الموت { وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } يقول لم يكونوا مؤمنين في الدنيا قال تعالى { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } من العذاب { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل أن نرينك { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } مصيرهم في الآخرة ، وروي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما . أنهما قالا : أخبر الله تعالى نبيه أن يستخلف أمته من بعده { ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ } في الآخرة { عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ } في الدنيا من الكفر والتكذيب . قوله تعالى : { وَلِكُلّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ } يعني لأهل كل دين رسول أتاهم { فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ } يعني فأبلغهم فكذبوه { قُضِىَ بَيْنَهُمْ } وبين رسولهم { بِٱلْقِسْطِ } يعني بالعدل { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يعني : لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً . وقال مجاهد : فإذا جاء رسولهم يعني يوم القيامة قضي بينهم بالعدل وهم لا يظلمون . قوله تعالى : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } وهو قوله تعالى { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } أن العذاب ينزل بنا { قُلْ } يا محمد { لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرّاً وَلاَ نَفْعًا } يعني ليس في يدي دفع مضرة ولا جر منفعة { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } أن يقويني عليه ، قال مقاتل : معناه قل لا أملك لنفسي أن أدفع عنها ( سوءاً ) حين ينزل ، ولا أن أسوق إليها خيراً إلا ما شاء الله فيصيبني ، فكيف أملك ( نزول ) العذاب بكم وقال القتبي : " الضُّر " بضم الضاد الشدة والبلاء . كقوله { وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ } [ الأنعام : 17 ] وكقوله { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } [ النحل : 54 ] " والضُّر " بفتح الضاد ضد النفع ومنه قوله تعالى { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا } [ يونس : 49 ] يعني : قل لا أملك جر نفع ولا دفع ضَرٍّ . ثم قال { لِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } وقته فِي العذاب . ويقال لكل أمة أجل . يعني : مهلة ، ويقال أجل الموت . { إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ } وقتهم بالعذاب { فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } يعني لا يتأخرون ( عنه ساعة ) ولا يتقدمون عنه ساعة فكذلك هذه الأمة إذا نزل بهم العذاب لا يتأخر عنهم ساعة .