Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 36-43)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } يعني لا يستيقنون أن اللات والعزى آلهة بالظن . ومعناه أنهم يتركون عبادة الله تعالى وهو الحق لأنهم يقرون بأن الله خالقهم فيتركون الحق ويتبعون الظن { إَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } يعني علمهم لا يغني من عذاب الله شيئاً . ويقال وما يتبع أكثرهم يعني [ ما قذف الشيطان في أوهامهم ] { إنَّ ٱلظَّنَّ } ] يعني ما قذف الشيطان في أوهامهم ، لا يستطيعون أن يدفعوا ( الحق بالباطل ) ، ويقال وما يتبع . يعني وما يعمل أكثرهم إلا ظنّاً ، يظنون في غير يقين وهم الرؤساء ، وأما السفلة فيطيعون رؤساءهم { إَنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } من عبادتهم الأصنام وما يقولون من القول المختلق والكذب { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ أَن يُفْتَرَىٰ } يعني لهذا القرآن مختلف { مِن دُونِ ٱللَّهِ } تعالى . وقال القتبي : ما كان هذا القرآن أن يضاف إلى غير الله تعالى أو يختلق { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } ولكن نزل بتصديق الذي بين يديه من التوراة والإنجيل . ويقال معناه ولكن بتصديق النبي الذي أنزل القرآن بين يديه ، يعين الذي هو قبل سماعكم ، لأن القرآن تصديق لما جاء من أنباء الأمم السابقة وأقاصيص أنبيائهم يعني بيان كل شيء ويقال بيان الحلال والحرام { وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } يعني : لا شك فيه عند المؤمنين إنه نزل . { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } . قوله تعالى : { أَمْ يَقُولُونَ } يعني : أيقولون ؟ وهم كفار مكة { ٱفْتَرَاهُ } تقوله من ذات نفسه { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّثْلِهِ } يعني مثل القرآن { وَٱدْعُواْ } استعينوا على ذلك { مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } ممن تعبدون { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } بأنه تقوله من تلقاء نفسه . فلما قال لهم ذلك سكتوا ولم يجيبوا فنزل قوله : { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } يعني القرآن لم يعلموا ما فيه . ويقال : لم يعلموا ما عليهم بتكذيبهم { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } يعني ولما يأتهم عاقبة ما وعدوا في هذا القرآن . يعني : سيئاتهم ، ما وعد لهم وهو كائن في الدنيا بالعذاب وفي الآخرة بالنار ثم قال { كَذٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } هكذا كذب الأمم الخالية رسلهم { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني : كيف صار جزاء المكذبين لرسلهم ، فيه تعزية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحث له على الصبر وتخويف لهم بالعقوبة ، قوله تعالى : { وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ } يعني : بالقرآن { وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ } يعني : بعقوبة من لم يؤمن به ، قال مقاتل : وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ( من أهل الكتاب ) ، وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ من أهل مكة ، وقال الكلبي ومنهم من يؤمن به من اليهود ، يعني : يؤمن به من قبل موته ، ومنهم من لا يؤمن به يعني : بعلم الله تعالى السابق فيه . وقال الزجاج معناه ومنهم من يعلم أنه حق فيصدق بقلبه ويعاند ويظهر الكفر . ومنهم من لا يؤمن به أي يشك ولا يصدق . قوله تعالى : { وَإِن كَذَّبُوكَ } يعني المشركين بما أتيتهم به { فَقُل لّى عَمَلِى } يعني : ديني { وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } يعني : دينكم { أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ } وأدين { وَأَنَاْ بَرِىءٌ مّمَّا تَعْمَلُونَ } وتدينون به غير الله تعالى . وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ولما نزلت آية القتال نسخت هذه الآية ثم قال تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } قال الكلبي : نزلت في شأن اليهود قدموا مكة وكانوا يسمعون قراءة القرآن فيعجبون به ويشتهونه وتغلب عليهم الشقاوة فلا يسلمون قال الله تعالى { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } يعني تفقه الكافر الذي لا يعقل الموعظة ، وقال الضحاك : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } وذلك أن كفار قريش دخلوا المسجد الحرام والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائم عند المقام يصلي وهو يقرأ سورة طه ، قال الوليد بن المغيرة يا معشر قريش إنما يتلو محمد ليأخذ بقلوبكم . فقال أبو جهل اللعين وأصحابه لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه . فنزل { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ } وذلك أنهم صموا عن الحق . ويقال أفأنت تسمع الصم أي من يتصامم ولا يستمع إليك { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } يقول : أي وإن كانوا مع ذلك لا يرغبون في الحق . { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } يعني بغير رغبة { أَفَأَنْتَ تَهْدِى ٱلْعُمْىَ } يعني : ترشد من يتعامى { وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ } الحق ولا يرغبون فيه . قال ( مقاتل ) : والقتبي : هذا من جوامع الكلم حيث بَينَّ فضل السمع على البصر حيث جعل مع الصم فقدان العقل ، ولم يجعل مع العمى إلا فقدان البصر .