Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 62-68)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ } يعني المؤمنين . ويقال : أحباء الله . وهم حملة القرآن والعلم . ويقال الذين يجتنبون الذنوب في الخلوات ويعلمون أن الله تعالى مطلع عليهم ، وروي " عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن أولياء الله تعالى فقال : « هم الذين ( إذا رُؤوا ) ذُكِرَ اللهُ تعالى " ، وقال وهب بن منبه : [ قال ] الحواريون لعيسى بن مريم يا روح الله من أولياء الله ؟ قال الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها . ونظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها فأحيوا ذكر الموت وأماتوا ذكر الحياة ويحبون الله تعالى ويحبون ذكره . وقال الضحاك : { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء ٱللَّهِ } يعني المخلصين لله { لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يعني : لا يخافون من أهوال يوم القيامة { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } حين زفرت جهنم ، ثم نعتهم فقال تعالى { ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } يعني أقروا وصدقوا بوحدانية الله تعالى ويتقون الشرك والفواحش { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يعني البشارة وهي الرؤيا الصالحة يراها العبد المسلم لنفسه أو يرى له غيره . وروي عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءاً من النبوة " ، وفي خبر آخر " من أربعين جزءاً " وفي خبر آخر " من ستة وأربعين جزءاً " وروى عطاء بن يسار " عن رجل كان يفتي بالبصرة ، قال سألت أبا الدرداء عن هذه الآية { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } قال أبو الدرداء ما سألني عنها أحد منذ ( سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فقال « ما سألني عنها أحد قبلك . هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أوتُرى له " { وَفِي ٱلاْخِرَةِ } الجنة . وعن عبادة بن الصامت أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجابه بمثل ذلك . ويقال لهم البشرى في الحياة الدنيا يعني عند الموت يبشره الملائكة كما قال في آية أُخرى { تتنَزَّلَ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَـئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ فصلت : 30 ] وفي الآخرة يبشره الملائكة حين يخرج من القبر { لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ } لا تغيير ولا تحويل لقول الله تعالى . لأن قوله حق بأن لهم البشرى في الحياة الدنيا . ويقال لا تبديل لكلمات الله يعني لا خلف لمواعيده التي وعد في القرآن { ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يعني : الثَّواب الوافر . ويقال النجاة الوافرة . قوله تعالى : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ } يقول يا محمد لا يحزنك تكذيبهم { إِنَّ ٱلْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } بأن النعمة والقدرة لله تعالى . وجميع من يتعزز إنما هو بإذن الله تعالى { هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } السَّميع لمقالتهم العليم بهم وبعقوبتهم على ترك توحيدهم ثم قال { أَلا إِنَّ للَّهِ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَن فِى ٱلأرْضِ } يعني من الخلق كلهم عبيده وإماؤه { وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَاء } يعني : وما يعبد الذين يعبدون من دون الله ، الأوثان والأصنام . ولم يأت بجوابه . وجوابه مضمر ومعناه ما هي لي شركاء ولا نفع لهم في عبادتها { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ } يعني ما يعبدون الأصنام إلاّ بالظن { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يقول وما هم إلا يكذبون . يقول ما أمرهم الله تعالى بعبادتها ولا تكون لهم شفاعة . ثم دل بصنعه على توحيده فقال عز وجل { هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ } يعني خلق لكم اللَّيل لتقروا فيه من النصب والتعب { وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً } يعني : خلق النهار مطلباً للمعيشة { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني : في تقليب الليل والنهار { لآَيَاتٍ } يعني لعبرات وعلامات لوحدانية الله { لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } يعني : المواعظ ، ثم رجع إلى ذكر كفار مكة فقال تعالى { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا } حين قالوا : الملائكة بنات الله تعالى { سُبْحَـٰنَهُ } نزه نفسه عن الولد { هُوَ ٱلْغَنِىُّ } عن الولد { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأرْضِ } من الخلق سماهم عبيده وإمائه { إِنْ عِندَكُمْ مّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا } يعني ما عندكم من حجة بهذا القول { أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } بغير حجة .