Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 102-107)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ } يعني هكذا عقوبة ربك { إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ } يعني إِذا عاقب القرى { وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ } يعني أهلها كفار جاحدون بوحدانية الله تعالى . قرأ عاصم الجحدري " إِذْ أَخَذَ " بألف واحدة لأن إذ تستعمل للماضي وإذا تستعمل للمستقبل وهذه حكاية من الماضي . يعني حين أخذ ربك القرى وهي قراءة شاذة . وقراءة العامة " إِذَا أَخَذَ " بألفين ومعناه أخذ ربك متى أخذ القرى ثم قال { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } يعني : عقوبته مؤلمة شديدة . وروى أبو موسى الأشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة " الآية ثم قال تعالى { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } يعني : في الذي أخبرتك عن الأمم الخالية لعبرة { لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ ٱلأخِرَةِ } ويقال في عذابهم موعظة وعبرة بالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر . ويقال فيه عبرة لمن أيقن بالنار وأقر بالبعث { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ } يعني مجموع فيه الأولون والآخرون { وَذٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } يشهده أهل السموات وأهل الأرض قوله تعالى : { وَمَا نُؤَخّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } يعني : إلى حين معلوم . ويقال : لانقضاء أيام الدنيا ومعناه أنا قادر على إقامتها الآن ولكن أؤخرها إلى وقت معدود { يَوْمَ يَأْتِ } يعني إذا جاء يوم القيامة . ويقال يوم يأْت ذلك اليوم { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } يعني : لا تتكلم نفس بالشفاعة إلا بأمره . ويقال معناه لا يجتريء أحد أن يتكلم من هيبته وسلطانه بالإحتجاج وإقامة العذر إلا بإذنه . قرأ عاصم وإبن عامر وحمزة " يِوْمَ يَأْتِ " بغير ياء في الوصل والقطع . وقرأ الباقون بالياء عند الوصل . قال أبو عبيدة القراءة عندنا على حذف الياء في الوصل والوقف . قال ورأيت في مصحف ( الإمام ) عثمان " يَوْمَ يَأْتِ " بغير ياء . وهي لغة هذيل . قال وروي عن عثمان أنه عرض عليه المصحف فوجد حروفاً من اللحن فقال : لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف . فكانت قدم هذيلاً في الفصاحة . ثم قال { فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ } يعني : يوم القيامة من الناس ، شقي معذب في النار ، وسعيد . يعني : مكرم في الجنة . قوله تعالى : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ } يعني كتب عليهم الشقاوة { فَفِى ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } قال الربيع بن أنس : الزفير في الحلق والشهيق في الصدر . وروي عن إبن عباس أنه قال زفير كزفير الحمار وهو أول ما ينهق الحمار ، والشهيق وهو أول ما يفرغ من نهيقه في آخره . ويقال زفير وشهيق معناه أنيناً وصراخاً { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } يعني مقيمين دائمين في النار { مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوَاتُ وَٱلأرْضُ } يعني سماء الجنة وأرضها { إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ } يعني إلا من أخرجهم منها وهم الموحدون . وقال الكلبي ومقاتل خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض . يعني كما تدوم السموات والأرض لأهل الدنيا فكذلك يدوم الأشقياء في النار إلا ما شاء ربك أي الموحدون يخرجون من النار وقال الضحاك يعني سماء القيامة وأرضها وهما باقيتان . ويقال العرب كانت من عادتهم أنهم إذا ذكروا الأبد يقولون ما دامت السموات والأرض فذكر على عادتهم . ومعناه إنهم خالدون فيها أبداً . ثم قال { إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ } إن شاء أدخل النار خالداً وإن شاء أخرجه إن كان موحداً وأدخله الجنة .