Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 94-101)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا } يعني عذابنا . وذلك أنه أصابهم حر شديد فخرجوا إلى غيضة لهم فدخلوا فيها فظهرت لهم سحابة كهيئة الظلة فأحرقت الأشجار وصاح جبريل صيحة فماتوا كلهم . كما قال في آية أُخرى { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ } [ الشعراء : 189 ] وذلك قوله تعالى { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا } يعني عذابنا { نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } يعني صيحة جبريل { فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } يعني صاروا في مواضعهم ميتين لا يتحركون . قوله تعالى : { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا } يعني كأن لم يعمروا فيها { أَلاَ بُعْدًا لّمَدْيَنَ } يعني بعداً من رحمة الله تعالى { كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } من رحمته . وروى أبو صالح عن إبن عباس قال : لم تعذب أمتان بعذاب واحد إلا قوم شعيب وصالح . صاح بهم جبريل فأهلكهم . قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا } التسع { وَسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } يعني حجة بينة { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } يعني قومه { فَٱتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } يعني أطاعوا قول فرعون حين قال : { مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ } [ غافر : 29 ] فأطاعوه في ذلك . وحين قال لهم { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى } [ القصص : 38 ] ، فأطاعوه وتركوا موسى . قال الله تعالى { وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } يقول ما قول فرعون بصواب . قوله تعالى : { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يقول يتقدم أمام قومه يوم القيامة وهم خلفه كما كانوا يتبعونه في الدنيا ويقودهم إلي النار { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } يقول أدخلهم النار { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } يقول بئس المدخل المدخول . يعني بئس المصير الذي صاروا إليه قوله تعالى : { وَأُتْبِعُواْ فِى هَـٰذِهِ لَعْنَةً } يعني جعل عليهم اللعنة في الدنيا وهو الغرق { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لعنة أُخرى وهي النار { بِئْسَ ٱلرّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } يعني اللعنة على أثر اللعنة . ومعناه بئس الغرق وزفرة النار ترادفت عليهم اللعنتان . لعنة الدنيا الغرق ، ولعنة الآخرة النار . وقال القتبي : بئس الرفد المرفود يعني : بئس العطاء المعطى . يقال رفدته أي أعطيته وقال الزجاج : كل شيء جعلته عوناً لشيء وأسندت به شيئاً فقد رفدته . وقال قتادة في قوله " يَقْدُمَ قَوْمَهُ " يعني يمضي بين أيديهم حتى يهجم بهم على النار وفي قوله " بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ " قال لعنة في الدنيا وزيدوا بها اللعنة في الآخرة . قوله تعالى : { ذٰلِكَ مِنْ أَنْبَاء ٱلْقُرَىٰ } يعني هذا الذي وصفت لك وقصصت عليك من أخبار الأمم والقرون الماضية { نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } يعني ينزل جبريل ليقرأ عليك ، ليكون فيها دلالة نبوتك { مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ } يعني من تلك القرى قائم ومنها ما هو حصيد والقائم يعني الظاهر ينظر إليه الناظر . ( والحصيد الذي قد أبيد ) وحصد يعني خرب وهلك أصحابه . ويقال القائم على بنيانه والحصيد ما خرب . وقال قتادة : منها قائم يعني خاوية على عروشها وحصيد يعني مستأصلة . وقال الضحاك منها قائم يعني مدينة عاد هلكوا وبقيت مساكنهم . وحصيد يعني مدائن قوم لوط حصدت أي قلعت من الأرض السفلى ثم قال تعالى { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } يعني لم نعذبهم بغير ذنب { وَلَـٰكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } يعني أضروا بأنفسهم حيث أكلوا رزق الله ، وعبدوا غيره وكذبوا رسله { فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ } يعني ما نفعتهم عبادة آلهتهم { ٱلَّتِى يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَىْء } إنما سماهم آلهة على وجه المجاز يعني آلهتهم بزعمهم ولم يكونوا آلهة في الحقيقة . ومعناه لم تقدر أصنامهم أن تمنعهم من عذاب الله من شيء { لَّمَّا جَاء أَمْرُ رَبّكَ } يعني حين جاء عذاب ربك . وقال القتبي : إذا رأيت لِلَمَّا جواباً فهو بمعنى حين كقوله تعالى { فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [ الزخرف : 55 ] يعني حين أغضبونا وكقوله { لَّمَّا جَاء أَمْرُ رَبّكَ } يعني حين جاء أمر ربك . يعني عذاب ربك { وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ } يعني : غير تخسير كقوله { تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] أي خسرت .