Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 18-23)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال عز وجل : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } يعني ومن أشد في كفره ممن افترى . يقول ممن اختلق على الله كذباً بأن معه شريكاً { أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبّهِمْ } يعني يساقون إلى ربهم يوم القيامة { وَيَقُولُ ٱلأشْهَادُ } يعني الرسل قد بلغناهم الرسالة . وقال الضحاك ويقول الأشهاد يعني الأنبياء . وقال قتادة ومجاهد : ويقول الأشهاد يعني الملائكة . وقال الأخفش الأشهاد . واحدها شاهد . مثل أصحاب وصاحب . ويقال شهيد وأشهاد مثل شريف وأشراف . قال الله تعالى { هَـؤُلاء ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبّهِمْ } يعني افتروا على الله عز وجل بأن معه شريكاً وقال الله { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني : عذابه وغضبه على المشركين ثم وصفهم فقال تعالى { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني يصرفون [ الناس ] عن دين الإسلام { وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا } يطلبون بملة الإسلام زيفاً وغيراً { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } ينكرون البعث قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِى ٱلأرْضِ } يعني : لم يفوتوا ولم يهربوا من عذاب الله تعالى حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة { وَمَا كَانَ لَهُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء } يعني ما كان لهم من عذاب الله تعالى مانع يمنعهم من العذاب { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ } . يعني الرؤساء . يكون لهم العذاب بكفرهم وبما أضلوا غيرهم { مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } في العذاب . لا يقدرون أن يسمعوا { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } في النار شيئاً . ويقال ذلك التضعيف لهم لأنهم كانوا لا يستطيعون الاستماع إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا من بغضه وما كانوا يبصرون أي [ عمياً ] لا ينظرون إليه من بغضه . وقال الكلبي : يضاعف لهم العذاب بما كانوا لا يستطيعون سماع الهدى وبما كانوا لا يبصرون الهدى . ويقال كانوا لا يستطيعون أن يسمعوا فلم يسمعوا وكانوا يستطيعون أن يبصروا فلم يبصروا . ويقال يعني لم يكن لهم سمع القلب وما كانوا يبصرون أي لم يكن لهم بصر القلب . قرأ ابن كثير وابن عامر " يُضَعَّفُ لَهُمُ " بتشديد العين بغير ألف . وقرأ الباقون " يُضَاعَفُ " بالألف ومعناهما واحد . ثم بين أن ضرر ذلك يرجع إلى أنفسهم فقال تعالى { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ } يعني غبنوا حظ أنفسهم { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } يعني : ويبطل عنهم ما كانوا يعبدون من دون الله تعالى ، فات عنهم ولا ينفعهم شيئاً . ثم قال تعالى { لاَ جَرَمَ } قال القتبي يعني حقاً . ويقال يعني : نعم ويقال : لا جرم يعني : لا شك . ويقال : لا كذب . ويقال : لا جرم أي لا بلى . وذكر عن الفراء أنه قال : لا جرم كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة فكثر استعمالهم إياها حتى صارت بمنزلة حقاً { أَنَّهُمْ فِى ٱلأخِرَةِ هُمُ ٱلأخْسَرُونَ } يعني الخاسرين . ويقال : " الأخسر " إذا قلت بالألف واللام يكون بمعنى الخاسر . وإذا قلت أخسر . بغير اللام يكون أخسر من غيره . ثم أخبر عن المؤمنين وما أعد لهم في الآخرة فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني : صدقوا بوحدانية الله تعالى وعملوا الصالحات يعني الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { وَأَخْبَتُواْ إِلَىٰ رَبّهِمْ } قال القتبي يعني : تواضعوا . والإخبات التواضع . وقال : مقاتل : أخلصوا . ويقال يخشعوا فرقاً من عذاب ربهم { أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ } يعني : أهل الجنة { هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } يعني دائمون لا يموتون ولا يخرجون منها ثم ضرب مثل المؤمنين والكافرين