Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 24-29)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال تعالى { مَثَلُ ٱلْفَرِيقَيْنِ } يعني مثل المؤمن والكافر ومثل الذي يبصر الحق ومثل الذي لا يبصر الحق { كَٱلأعْمَىٰ } يعني عن الإيمان ولا يبصره { وَٱلأصَمِّ } عن الإيمان ولا يسمعه ، وهو الكافر { وَٱلْبَصِيرِ وَٱلسَّمِيعِ } وهو المؤمن { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } في الشبه ويقال معناه : مثل الفريقين - يعني الذي لا يسمع ولا يبصر . هل يستوي بالذي يسمع ويبصر . ويقال معناه كالأعمى والبصير والأصم والسميع . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكفار مكة : " هل يستوي الأعمى والبصير والسميع ؟ " قالوا لا قال : { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أنهما لا يستويان . قرأ حمزة والكسائي وحفص ( عن عاصم ) أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ بالتخفيف . وقرأ الباقون تَذَّكَّرُونَ بالتشديد . ثم قال تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنَّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } قرأ نافع وعاصم وحمزة وابن عامر إِنِّي بكسر الألف . ومعناه قال لهم إنِّي لكم نذير وقرأ الباقون أَنِّي لكم بالنصب ومعناه ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه بالإنذار . وفي الآية تهديد لأهل مكة معناه : واتل عليهم نبأ نوح يعني إن لم يتعظوا بما ذكرت فاتل عليهم خبر نوح . وروى أبو صالح عن ابن عباس : أن نوحاً أوحي إليه وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة فدعا قومه مائة وعشرين سنة وركب السفينة وهو ابن ستمائة سنة ومكث بعد هلاك قومه ثلاثمائة وخمسين سنة . فذلك ألف سنة إلا خمسين عاماً . وذكر عن وهب بن منبه قال : أوحى الله تعالى : إلى نوح وهو ( ابن تسعمائة ودعا قومه ) خمسين سنة فلما هلك قومه عاش بعدهم خمسين سنة فتمام عمره ألف وخمسون وقال عكرمة : إنما سمي نوحاً لأنه كان ينوح على نفسه . ويقال كان اسمه شاكر ، فمن كثرة نوحه على نفسه سمي نوحاً . فدعا قومه إلى الله وقال لهم إنِّي لكم نذير مبين من العذاب . ويقال : مبين يعني مبين بلغة تعرفونها { أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } يعني ألاَّ تطيعوا ولا توحدوا إلاَّ الله { إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } يعني : الغرق قال الله تعالى : { فَقَالَ ٱلْمَلأ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ } يعني الأشراف من قومه { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا } يعني آدمياً مثلنا { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ } يعني آمن بك { إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } يعني : سفلتنا وضعفاؤنا { بَادِىَ ٱلرَّأْى } قال الكلبي : ظاهر الرأي . يعني إنهم يعرفون الظاهر فلا تمييز لهم . وقال مقاتل يعني : بدا لنا أنهم سفلتنا وضعفاؤنا بادي الرأي وقال القتبي أراذلنا يعني شرارنا وهو جمع أرذل . وقوله : بادي الرأي : بغير همز أي ظاهر الرأي من بدأ يبدو . وأما باديء بالهمزة يعني أول الرأي من قولك بدأ يبدأ . قرأ أبو عمرو بادىء الرأي بالهمز وقرأ الباقون على ضد ذلك . ثم قال : { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } قوم نوح قالوا لنوح ما نرى لكم علينا من فضل في ملك ولا مال { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَـٰذِبِينَ } يعني نحسبك من الكاذبين . وقد يخاطب الواحد بلفظ الجماعة . ويقال إنما أراد به نوحاً ومن آمن معه { قَالَ } نوح { يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّى } يعني إن كنت على دين ويقين وبيان من ربي { وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } يقول أكرمني بالرسالة والنبوة { فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ } يعني عميت عليكم هذه البينة . ويقال عميتم عن ذلك . يقال عمي عليه هذا إذا لم يفهم . ويقال التبست عليكم هذه النعمة وهذه البينة التي هي من الله تعالى فلم تبصروها ولم تعرفوها . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص ، " فَعُمِّيَتْ " بضم العين وتشديد الميم على معنى فعل ما لم يسم فاعله . وقرأ الباقون بنصب العين والتخفيف . ومعناه واحد يعني : خفيت عليكم هذه النعمة والرحمة واتفقوا في سورة القصص { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ } [ القصص : 66 ] بالنصب . ثم قال { أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَـٰرِهُونَ } يعني : كيف نعرفكموها وأنتم للنبوة كارهون ؟ قال قتادة أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه ، ولكن لم يملك ذلك . ويقال أفنفهمكموها وأنتم لها كارهون ، يعني منكرون . ويقال أنحملكموها . يعني معرفتها . ويقال أنعلمكموها وأنتم تكذبونني ولا تناظروني في ذلك . ثم أخبرهم عن شفقته وقلة طمعه في أموالهم فقال { وَيٰقَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً } يعني لا أطلب منكم على الإيمان أجراً يعني رزقاً ولا جعلاً { إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } يعني ما ثوابي إلا على الله { وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } لأنهم طلبوا منه أن يطرد من عنده من الفقراء والضعفاء فقال { إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبّهِمْ } فيجزيهم بأعمالهم . ويقال إنهم ملاقو ربهم فيشكونني إلى الله تعالى إن لم أقبل منهم الإيمان وأطردهم { وَلَـٰكِنّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ } ما أمرتكم به وما جئتكم به