Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 19-20)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ } أي قافلة يمرون من قبل مدين إلى مصر ، فنزلوا بقرب البئر { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } أي : طالب مائهم . ويقال أرسل كل قوم ساقيهم ليستقي لهم الماء . فجاء مالك بن ذعر إلى الجب الذي فيه يوسف { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } يقول : أرخى وأرسل دلوه في البئر فتعلق يوسف بالدلو فنظر مالك بن ذعر فإذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان { قَالَ يَـا بُشْرى هَـٰذَا غُلاَمٌ } قرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو وإبن عامر " يَا بُشْرَايَ " بالألف والياء ونصب الياء . وقرأ عاصم " يَا بُشْرَىْ " بنصب الراء وسكون الياء . وقرأ نافع في رواية ورش والألف والياء مع السكون " يَا بُشْرَايْ " وكذلك يقرأ في " مَثْوَايَ " و " مَحْيَايَ " و " عَصَايَ " بسكون بالياء . وقرأ حمزة والكسائي " يَا بُشْرِي " بغير ألف وسكون الياء وكسر الراء . فمن قرأ يا بشرَايَ . يكون بمعنى الإضافة إلى نفسه . ومن قرأ يا بشْرَى يكون على معنى تنبيه المخاطبين . كقوله يا عجبَا . وإنما أراد به اعجبوا . ومن قرأ يا بشرى كأنه اسم رجل دعاه باسمه بشرى . وقال أبو عبيدة هذه القراءة تقرأ لأنها تجمع المعنيين إن أراد به الإسم أو أراد به البشرى بعينها . وقال السدي تعلق يوسف بالحبل فخرج ، فلما رآه صاحب الدلو نادى رجلاً من أصحابه يقال له : البشرى ، وقال : يا بشراي هذا غلام . وقال قتادة : وغيره إِنه بشر واردهم حين وجد يوسف . ثم قال { وَأَسَرُّوهُ بِضَـٰعَةً } يعني التُّجار بعضهم من بعض . وقال بعضهم لبعض اكتموه من أصحابكم لكيلا يسئلوكم فيه شركة فإن قالوا لكم ما هذا الغلام ؟ قولوا استبضعنا بعض أهل الماء لنبيعه لهم بمصر فذلك قوله : " وَأَسَرُّوهْ بِضَـٰعَةً " يعني أسروه وأعلنوه بضاعة . فرجع إخوته بعد ثلاثة أيام فرأوا يوسف في أيديهم فقالوا هذا غلام أبق منا منذ ثلاثة أيام . فقيل لهم ما بال هذا الغلام لا يشبه العبيد وإنما هو يشبهكم ؟ فقالوا إنما ولد في حجرنا ( وإنه إبن وليدة أمنا أمرتنا ببيعه . وقالوا ليوسف بلسانهم لئن أنكرت أنك عبد لنا أخذناك ونقتلك . أترى أنا نرجع بك إلى يعقوب أبداً وقد أخبرناه أن الذئب قد أكلك . فقال يا إخوتاه ارجعوا بي إلى أبي ضامن لكم رضاه وأنا لا أذكر لكم هذا أبداً فأَبوا عليه فذلك قوله تعالى : { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } يعني بما يصنع به إخوته . قوله تعالى : { وَشَرَوْهُ } بثمن يعني باعوه { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } يعني ظلماً وحراماً لم يحل بيعه . ويقال بدراهم رديئة . ويقال البخس الخسيس { دَرٰهِمَ مَعْدُودَةٍ } أي يسير عددها . وقال مجاهد : البخس القليل . والمعدودة عشرين درهماً . وقال كان في ذلك الزمان ما كان فوق الأوقية وزنوه وزناً ، وما كان دون الأوقية عدوه عداً . وقال بعضهم باعوه بعشرة دراهم . لأن إسم الدرهم يقع على ما بين الثلاثة إلى العشرة فأصاب كل واحد منهم درهماً . وروي عن الضحاك أنه قال : باعوه باثني عشر درهماً . وقال إبن مسعود : بيع بعشرين درهماً . وقال عكرمة : البخس أربعون درهماً وقال بعضهم : لم يبعه إخوته ولكن الذين وردوا الماء وجدوه في البئر وأخرجوه من البئر فباعوه بثمن بخس دراهم معدودة وهو قول المعتزلة ( لأن مذهبهم أن الأنبياء معصومون عن الكبيرة قبل النبوة لأن الكبيرة عندهم تخرج المؤمن عن الإيمان وعند أهل السنة الكبيرة لا تخرج المؤمن عن الإيمان وجاز جريان المعصية قبل النبوة ) وقال عامة المفسرين إن إخوته باعوه ( وروي عن ابن عباس أن إخوته باعوه ) بعشرين درهماً وكتب يهوذا شراءه على رجل منهم . ثم قال { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّهِدِينَ } يعني الذين اشتروه لم يعلموا بحاله وقصته ويقال : يعني : إخوة يوسف . في ثمنه لم يكونوا محتاجين إليه . ثم إن مالك بن ذعر لما أدخله مصر باعه . قال مقاتل : باعه بعشرين ديناراً ونعلين وحلة . وقال الكلبي : بعشرين درهماً ونعلين ، وحلة . وقال بعضهم باعه بوزنه فضة . وقال بعضهم باعه بوزنه ذهباً . وقال وهب بن منبه باعه مالك بن ذعر بعد ما عرضه في بيع " من يزيد " ثلاثة أيام فزاد الناس بعضهم على بعض حتى بلغ ثمنه بحيث لا يقدر أحد عليه فاشتراه عزيز مصر . وكان خازن الملك وصاحب جنوده ، لإمرأته زليخا بوزنه مرة مسكاً ومرة لؤلؤاً ومرة ذهباً ومرة فضة ومرة حللاً وسلم إليه كلها .