Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 21-24)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَاهُ مِن مّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ } ( قال ابن عباس كان اسمه قطيفر وهو العزيز ) قال لامرأته واسمها زليخا { أَكْرِمِى مَثْوَاهُ } يعني منزله وولايته { عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا } في ضياعنا وغلاتنا على وجه التبرك به { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } يقول نتبناه فيكون ابناً لنا . وروى ابن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : أفرس الناس ثلاثة : العزيز حين قال لامرأته { أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا } . وبنت شعيب التي قالت { يٰأَبَتِ ٱسْتَأجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلأَمِينُ } [ القصص : 26 ] . وأبو بكر حين تفرس في عمر وولاه من بعده . قال الله تعالى { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني في أرض مصر وهي ( أربعين فرسخاً في أربعين فرسخاً ) { وَلِنُعَلّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } يعني كي يلهمه تعبير الرؤيا وغير ذلك من العلوم { وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ } إذا أمر بشيء لا يقدر أحد أن يرد أمر الله تعالى إذا أراد بأحد من خلقه . ويقال والله تعالى غالب على أمره يعني وليته فيتم أمر يوسف الذي هو كائن { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني أهل مصر . ويقال يعني أهل مكة لا يعلمون أن الله تعالى غالب على أمره . قوله تعالى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } يعني تمت قوة نفسه وعقله . ويقال بلغ مبلغ الرجال . ويقال الأشد بلوغ ثلاثين سنة . وقال الضحاك : يعني بلغ ثلاثاً وثلاثين سنة ويقال الأشد ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثمان وثلاثين سنة { آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } أي : أكرمناه بالنبوة والعلم والفهم والفقه فجعلناه حكيماً وعليماً { وَكَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني هكذا نكافىء من أحسن . ويقال هكذا نجزي المخلصين في العمل بالفهم والعلم . قوله تعالى : { وَرَاوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ } يعني : راودته عما أرادت عليه مما تريد النساء من الرجال فعلم بذكره ذكر الفاحشة . ومعناه طلبت إليه أن يمكنها من نفسه . يعني امرأة العزيز واسمها زليخا . { وَغَلَّقَتِ ٱلأَبْوَابَ } عليها وعلى يوسف وجعلت تغره وتمازحه ويوسف يعظها بالله ويزجرها . وروي عن ابن عباس أنه قال : كان يوسف إذا تبسم رأيت النور في ضواحكه وإذا تكلم رأيت شعاع النور في كلامه يذهب من بين يديه . ولا يستطيع آدمي أن ينعت نعته . فقالت له : يا يوسف ما أحسن عينيك ؟ قال هما أول شيء يسيلان إلى الأرض من جسدي . ثم قالت يا يوسف ما أحسن ديباج وجهك قال هو للتراب يأكله . ثم قالت يا يوسف ما أحسن شعرك قال هو أول ما ينتشر من جسدي { وَقَالَتْ } يا يوسف { هَيْتَ لَكَ } قرأ حمزة والكسائي وعاصم " هَيْتَ " بنصب الهاء والتاء يعني أقبل . ويقال هلم إلي والعرب تقول هيت فلان لفلان إذا دعاه وصاح به وهكذا قرأ ابن مسعود وابن عباس والحسن وقرأ ابن عامر في رواية هشام " هِئْيتُ " بكسر الهاء والهمز وضم التاء بمعنى تهيأت لك . وقرأ ابن كثير " هَيْتُ " لك بنصب الهاء وضم التاء ومعناه : أنا لك وأنا فداؤك . وقرأ نافع وابن عامر في إحدى الروايتين " هِيْتَ " بكسر الهاء ونصب التاء بغير همز . { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ } يعني : قال يوسف أعوذ بالله أن أعصيه وأخونه { إِنَّهُ رَبّى أَحْسَنَ مَثْوَاىَ } يعني إن سيدي الذي اشتراني أحسن إكرامي فلم أكن لأفعل بامرأته ذلك { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني لا ينجو الزناة من عذاب الله تعالى . وفي هذه الآية دليل أن معرفة الإحسان واجب . لأن يوسف امتنع عنها لأجل شيئين لأجل المعصية والظلم ولأجل إحسان الزوج إليه . قوله تعالى : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } روى حماد بن سلمة عن الكلبي أنه قال : كان من همها أنها دعته إلى نفسها واضجعت . وهَمَّ بها بالموعظة والتخويف من الله تعالى وقيل : إنه حل سراويله وجلس بين رجليها { لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ } يقول مثل له يعقوب في الحائط عاضاً على شفتيه فاستحيى فتنحى بنفسه ، وقال وهب بن منبه لم تزل تخدعه حتى هم بها ودخل معها في فراشها ، فنودي من السماء مهلا يا يوسف فإنك لو وقعت في الخطيئة محي اسمك عن ديوان النبوة . وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله { لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } ما بلغ من همه قال أطلق هيمانه . فنودي يا يوسف لا تكن كالطائر له ريش فزنا فسقط ريشه ، ويقال كان همها هم إرادة وشهوة وهمه هم اضطرار وغلبة . وقال بعضهم كان همه حديث النفس والفكر ، وحديث النفس والفكر مرفوعان . وقال بعضهم هم بها يعني يضربها وقال بعضهم يعني هم بالفرار عنها وقال بعضهم : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ } تم الكلام . ثم { وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ } يعني لما رأى البرهان لم يهم بها . فقد قيل هذه الأقاويل والله أعلم . وقد روي في الخبر أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة غير يحيى بن زكريا ولكنهم كانوا معصومين من الفواحش قوله تعالى : { لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ } روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله . وقال محمد بن كعب لَوْلاِ أَن رَأَى بُرْهَانَ رَبَّهِ قال لولا أن قرأ القرآن من تحريم الزنا وذلك أنه استقبل بكتاب الله تعالى { وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 32 ] . قال الله تعالى { كَذٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوء وَٱلْفَحْشَاء } يقول : هكذا صرفت السوء والفحشاء عن يوسف بالبرهان حين استعاذ إليّ بقوله معاذ الله ثم قال { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ } بالتوحيد والطاعة . قرأ إبن كثير وأبو عمرو وإبن عامر " الْمُخْلِصِينَ " بكسر اللام ومعناه ما ذكرناه . وقرأ الباقون " الْمُخْلَصِينَ " بالنصب يعني المعصومين من الذنوب والفواحش . ويقال أخلصه الله تعالى بالنبوة والرسالة والإسلام