Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 65-68)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَـٰعَهُمْ } يعني أوعيتهم وجواليقهم { وَجَدُواْ بِضَـٰعَتَهُمْ } يعني دراهمهم { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ } لأبيهم { يأَبَانَا مَا نَبْغِى } يعني ما نكذب . إنه ألطف علينا وأكرمنا { هَـٰذِهِ بِضَـٰعَتُنَا } أي دراهمنا { رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } يعني نمتار لأهلنا يقال : مار أهله وأمار لأهله إذا حمل إليهم قوتهم من غير بلده . يعني ابعثه معنا لكي نحمل الطعام لأهلنا { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } من الضيعة { وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ } أي حمل بعير من أجله . روى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة أنه كان يقرأ رِدَّتْ إلينا بكسر الراء . لأن أصله رددت فأدغمت إحدى الدالين بالأخرى ونقل الكسر إلى الراء . وهي قراءة شاذة . ثم قال { ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } يعني سريع لا حبس فيه إن أرسلته معنا - ويقال ذلك أمر هين الذي نسأل منك . { قَالَ } لهم يعقوب { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مّنَ ٱللَّهِ } يعني : تعطوني عهداً وثيقاً من الله { لَتَأْتُنَّنِى بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } قال الكلبي : إلا أن ينزل بكم أمر من السماء أو من الأرض . وروى معمر عن قتادة أنه قال : إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك . وقال مجاهد : ( إلا أن يحاط بكم ) يعني : تهلكوا جميعاً . وقال الفراء إلا أن يأتيكم من أمر الله تعالى ما يعذركم { فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } يعني أعطوه عهودهم { قَالَ } يعقوب { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } يعني كفيلاً . ويقال : شهيداً . ثم { قَالَ يَـا بَنِى لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ } قال يعقوب لبنيه حين أرادوا الخروج يا بني لا تدخلوا من باب واحد يعني : إذا دخلتم مصر فلا تدخلوا من سكة واحدة ومن طريق واحد ويقال من درب واحد { وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرّقَةٍ } يعني من سكك متفرقة ومن طرق شتى لكي لا يظن بكم أحد أنكم جواسيس . ويقال خاف يعقوب عليهم العين لجمالهم وقوتهم وهم كلهم بنو رجل واحد . فإِن قيل أليس هذا بمنزلة الطيرة ( وقد نهى عن الطيرة ) . قيل له لا . ولكن أمر العين حق وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يرقي من العين ويتعوذ منها للحسن والحسين ثم قال { وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ ٱللَّهِ } يعني من قضاء الله { مِن شَىْء إِنِ ٱلْحُكْمُ } يعني ما القضاء { إِلاَ لِلَّهِ } إن شاء أصابكم العين وإن شاء لم يصبكم { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } يعني فوضت أمري وأمركم إليه { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ } يعني فليثق الواثقون . قوله تعالى : { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم } من السكك المتفرقة { مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ مّنَ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ } يعني حذرهم لا يغني من قضاء الله من شيء . يعني إِن العين لو قدرت أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون { إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ } يعني : حزازة في قلبه وهي الحزن { قَضَاهَا } يعني أبداها وتكلم بها . ويقال : معناه : لكن لحاجة في نفس يعقوب قضاها { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ } يعني : علم يعقوب أنه لا يصيبهم إلا ما أراد الله تعالى وقدر عليهم وعلم أن دخولهم في سكك متفرقة لا ينفعهم من فضاء الله تعالى من شيء . ويقال : معناه : إنه عالم بما علمناه . ويقال لذو علم لما علمناه . أي لتعليمنا إياه . ويقال لذو حظ لما علمناه . ثم قال : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أنه لا يصيبهم إلا ما قدر الله تعالى عليهم .