Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 69-76)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ } يعني : إخوته { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } يعني ضم إليه أخاه بنيامين { قَالَ إِنّى أَنَاْ أَخُوكَ } قال بعضهم : أخبره في السر أنه أخوه . وقال بعضهم لم يخبره ولكن معناها إني لك كأخيك الهالك . فأنزلهم يوسف منزلاً وأجرى عليهم الطعام والشراب . فلما كان الليل أتاهم بالفرش . وقال لينام كل أخوين منكم على فراش واحد ففعلوا ، وبقي الغلام وحده ، فقال يوسف : هذا ينام معي على فراشي فبات معه يوسف يشم ريحه . ويقال لما كان عند الطعام أمر كل اثنين ليأكلا في قصعة واحدة وبقي بنيامين وحده فبكى ، وقال لو كان أخي في الأحياء لأكلت معه فقال له يوسف إني أنا أخوك . يعني بمنزلة أخيك { فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يقول لا تحزن بما يعيرون يوسف وأخاه بشيء . قوله تعالى : { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } يعني : كال لهم كيلهم { جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ } يعني : وضع ودس الإناء { فِى رَحْلِ أَخِيهِ } بنيامين . فخرجوا وحملوا الطعام وذهبوا فخرج يوسف على أثرهم حتى أدركهم { ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذّنٌ } يعني : نادى منادٍ بينهم . واسم المنادي أفرايم من فتيان يوسف قال : { أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } إناء الملك . فانقطعت ظهورهم وساء ظنهم . قوله تعالى : { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ } يعني : وأقبلوا إليهم { مَّاذَا تَفْقِدُونَ } يعني ماذا تطلبون { قَالُواْ } يعني : قال المنادي والغلمان : { نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ } قال قتادة : إناء الملك الذي يشرب فيه . وقال عكرمة : هو إناء من فضة . وقال سعيد بن جبير : هو المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه . وكانت الأعاجم تشرب فيه . وروى سعيد بن حبير عن ابن عباس أنه قال : كان إناء من فضة مثل المكوك وكان للعباس واحد منها في الجاهلية . وروي عن أبي هريرة أنه قرأ صاع الملك . يعني الصاع الذي يكال به الحنطة . وقرأ بعضهم صَوْعَ الملك وقرأ يحيى بن عمرو صَوْغَ الملك بالغين . يعني إناء مصوغاً . وقراءة العامة صُوَاعَ الْمَلِكِ . يعني الإناء وهي المشربة من فضة وكان الشرب في إناء الفضة مباحاً في الشريعة الأولى . وأما في شريعتنا فالشراب في إناء الفضة حرام . ثم قال { وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } يعني : قال المنادي من جاء بالصوع فله حمل بعير من بر { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } يعني : أنا كفيل بتسليمها إليه . لأن الملك يتهمني في ذلك . { قَالُواْ تَٱللَّهِ } يعني : قال إخوة يوسف والله { لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِى ٱلأَرْضِ } يعني : ما جئنا لنعمل بالمعاصي في أرض مصر ونخون أحداً { وَمَا كُنَّا سَـٰرِقِينَ } . وكان الحكم في أرض مصر للسارق الضرب والتضمين . وكان الحكم بأرض كنعان أنهم يأخذون السارق ويسترقونه ففوضوا الحكم إلى بني يعقوب ليحكموا بحكم بلادهم { قَالُواْ } يعني : المؤذن وأصحابه لأولاد يعقوب { فَمَا جَزَاؤُهُ } يعني فما جزاء السارق { إِن كُنتُمْ كَـٰذِبِينَ } { قَالُواْ } يعني إخوة يوسف { جَزَاؤُهُ } يعني : عقابه { مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِ } يعني في وعائه { فَهُوَ جَزَاؤُهُ } يعني الاستعباد جزاء سرقته { كَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني : هكذا نعاقب السارق في سنة آل يعقوب . { فَبَدَأَ } يعني المنادي ، ويقال : يوسف { بِأَوْعِيَتِهِمْ } يعني : أوعية إخوته وطلب في أوعيتهم { قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ } فلم يجد فيها . وروى معمر عن قتادة أنه قال : كلما فتح متاع رجل استغفر الله تائباً ما صنع حتى بقي متاع الغلام . فقال ما أظن هذا أخذ شيئاً . قالوا بلى فاستبرأه ، فطلب فوجد فيه فاستخرجها من وعاء أخيه . فلما استخرجت من رحله انقطعت ظهور القوم وتحيروا . وقالوا يا بنيامين لا يزال لنا منكم بلاء . ما لقينا من ابني راحيل . فقال بنيامين بل ما لقي ابنا راحيل منكم . فأما يوسف فقد فعلتم به ما فعلتم . وأما أنا فسرقتموني . قالوا فمن جعل الإناء في متاعك قال الذي جعل الدراهم في متاعكم فسكتوا فذلك قوله { ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } يعني : كذلك صنعنا ليوسف . والكيد الحيلة . يعني كذلك احتلنا له وألهمناه الحيلة . ثم قال { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ ٱلْمَلِكِ } يعني : في قضاء ملك مصر . لأنه لم يكن في قضائه أن يستعبد الرجل في سرقته ثم قال { إِلاَّ أَن يَشَاء ٱللَّهُ } يعني : وقد شاء الله أن يأخذه بقضاء أبيه . ويقال ما كان يقدر أن يأخذ في ولاية الملك بغير حكم إلا بمشيئة الله تعالى . ويقال : إلا أن يشاء الله ذلك ليوسف ثم قال { نَرْفَعُ دَرَجَـٰتٍ مَّن نَّشَاءُ } يعني : من نشاء بالفضائل . وقرأ أهل الكوفة " نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ " بتنوين التاء . وقرأ الباقون دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ بغير تنوين . على معنى الإضافة { وَفَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ } يعني ليس من عالم إلا وفوقه أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى الله تعالى . وروى وكيع عن أبي معشر عن محمد بن كعب أن رجلاً سأل علياً عن مسألة فقال فيها قولاً . فقال الرجل ليس هو كذا ولكنه كذا . فقال عليّ أصبتَ وأخطأتُ " وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ " . وروي عن سعيد بن جبير أن ابن عباس حدث بحديث . فقال رجل عنده الحمد لله . { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } فقال ابن عباس : إن الله هو العالم وهو فوق كل عالم .